منصور الحميدان ">
لا سبيل إلى إغفال النبرة التشاؤمية في طرحكم الصحفي عن فرص التنمية في بلادنا. الحقيقة هي أن قراءة متمعنة للتاريخ الإسلامي لا تدع مجالاً للشك أن العنصر العربي الذي انبثقت منه دعوة التوحيد لاقى عنتاً من الأجناس التي هيمن عليها، على أكثريتها. فخلال أربعة قرون حاول الفرس ترحيل منابع العقيدة إلى أواسط فارس، ونقلها من وعائها العربي إلى لسان أعجمي، كان سبب فشلهم وتحول جهودهم إلى محاولات لهدم العقيدة كلية بتشجيع البدع، كالتشيع والأطروحات المشككة كالمعتزلة وغيرهم، دون جدوى.
كما أن الغزاة الصليبيين والمستعمرين الأوروبيين حاولوا نقل اللغة العربية، وعاء الدين الإسلامي، خارج الجزيرة، ونجحوا، قياساً بالنسبة الطاغية من جهابذة اللغة وأدبائها غير المسلمين في الشام مثلاً.
غير أن هذه المشاريع وغيرها وصلت إلى نهاية غير متوقعة على يد الدولة السعودية التي نجحت في إعادة الأمور إلى نصابها، وأصبح الدين يشع من منابعه الأصلية، وفي وعائه الأصيل، اللغة العربية.
هل كان ثمة ثمن لما حدث؟ وهل صحيح أن التنمية الاقتصادية والعلوم والفنون ما زالت أموراً تهدد العقيدة؛ لأنها كانت فيما مضى مطايا للمؤامرات والمخططات؟
إن خيار الدولة السعودية هو الإصرار على تكملة المشوار، وعلى المنظّرين بيننا الاطمئنان إلى أن لديها الإجابة للتساؤل الذي لم يكلفوا أنفسهم عناء الإجابة عنه، وهو: في أي الإسلام نحن؟ هل نحن في القرن الخامس الهجري أم في القرن الحادي والعشرين، قرن التنمية الاقتصادية والازدهار؟