منذ عدة أشهر ونحن نسمع ونقرأ تقارير متشائمة من صندوق النقد الدولي بخصوص الوضع المالي والاقتصادي للمملكة خلال الفترة القادمة، والتي تفيد بإفلاس الدولة إذا لم تتخذ معايير مهمة مثل إلغاء التحفيز على المحروقات وإيقاف السحب من الاحتياطي النقدي وترشيد الإنفاق الحكومي.
كما نسمع نفس الكلام من مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية مثل فيتش وستاندارد اند بورز. ولا يخفى على الجميع أنها نفس المؤسسات التي أعطت نظرة ايجابية مستقبلية لمؤسسة ليمان بروذر الأمريكية العملاقة عام 2008 وقبل أسبوعين من انهيارها. والواقع أن الذي نراه ونسمعه الآن هو ما سمعناه في أكتوبر 1983 وعام 1987 عندما وصل سعرالنفط إلى 8 دولارات للبيرميل وارتفاع الدين الداخلي إلى 300 مليار ريال ثم إلى 600 مليار ريال عام 2003 إثر 17 عامًا من عجز الميزانية العامة للدولة. والحكمة السديدة هنا أن اهل مكة أدرى بشعابها.
واقتصادهم وهيكليته وبنيته التحتية تختلف تمامًا عن اقتصادنا ومدخلاته وهيكليته وأساليب مكوناته ومدخلاته.وقد صدر العديد من التقارير الدولية من صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية العريقة التي تم إنقاذها من الإفلاس عام 2009 ومن مصادر داخلية مثل مؤسسة النقد العربي السعودي والمؤسسات المالية السعودية العريقة ومراكز الأبحاث المتخصصة. إلا أننا عندما نتأمل في هذه التقارير نجد تقاطًا إيجابية أكثر من السلبية من كلا الجانبين الدولي والمحلي ويمكن أن نجد الحقائق التالية:
أولاً: سيكون هناك انخفاض في وتيرة النمو الاقتصادي لكن النمو في الإنفاق الحكومي سيسير باتجاه إيجابي.
ثانيًا: إن الطلب العالمي على النفط بالرغم من انخفاض سعره إلى ما يقارب 40 دولارًا لا يزال مستمرًا وبمعدلات مقبولة جدًا بسبب استمرار النمو الاقتصادي في الصين والهند واليابان.
ثالثاً: إن قوة الدولار حاليًا ستشكل عامل دعم للريال في مواجهة الضغوط التضخمية مع احتمال انخفاض المؤشر العام للأسعار بالمملكة خلال الفترة القادمة.
رابعاً: إنه رغم النجاح النسبي في سياسة ترشيد الطاقة بأوروبا والاعتماد على الغاز الطبيعي إلا أن ذلك لم يؤد إلى انخفاض الاعتماد على النفط.
خامساً: أجمعت كل التقارير على ارتفاع الطلب وأسعار التفط إلى ما قوق 80 دولارًا للبرميل بعد 2018.
سادساً: إن انهيار نظام الظل المصرفي في الصين وتخفيض قيمة اليوان تم امتصاص صدمته في النظام المالي العالمي.
سابعاً: إن المملكة لديها اليوم العديد من الآليات والسبل لتمويل عجز الميزانية بل تفاديه بالاستمرار في تنفيذ مشروعات البنية التحتية الإستراتيجية ذات المردود الاقتصادي بإصدار سندات الدين المحلية أو الخصصة أو تنفيذ المشروعات بنظام البناء والتشغيل والتحويل أو نظام البناء والتحويل والتشغيل.
ثامناً: استمرار النمو في توظيف وتشغيل العمالة الوطنية التي ستستوعبها مشروعات المقاولات الكبرى والقطاع التعليمي والقطاع الخدمي.
تاسعاً: توجه الدولة الحازم في مشروعات التنمية المتوازية والتوزيع العادل للمشروعات على مقاولي المناطق وشركائهم الأجانب وذلك لضمان عادل لتوزيع الثروات.
عاشرًا: إن معدل التضخم والبالغ 2.8 في المائة يعتبر ضمن النطاق العالمي المقبول جدًا.
الحادي عشر: إن مستوى الدين الحكومي الداخلي والبالغ 1.6 في المائة من الناتج الوطني الإجمالي يعد الأقل عالميًا.
الثاني عشر: إن معدل الزيادة في الناتج الوطني الإجمالي أعلى من الزيادة في التضخم.
الثالث عشر: استمرار الدولة الجاد والفعال في سياسة ترشيد وكفاءة الطاقة في مجال العربات والمحركات والتكييف أثبت نجاحًا منقطع النظير وسيؤدي مستقبلاً إلى انخفاض الاستخدام المحلي للمحروقات.
الرابع عشر: ضخامة المعروض النقدي يالبنوك المحلية وضخامة أرصدة الدولة محليًا وخارجيًا واستمرار تمويل المشاريع الكبرى عملية مستمرة بحذر ونمو.
الخامس عشر: تحفيز الدولة للبنوك المحلية لتمويل المؤسسات والشركات الصغيرة عبر العديد من البرامج المدعومة من وزارة المالية والصناديق المتخصصة.
السادس عشر: صعوبة إيجاد أساليب إنتاج نفطي تضاهي قلة تكلفة إنتاج النفط السعودي ميزة تنافسية لا يمكن إنكارها.
السابع عشر: إن المملكة ستمر بخمسة أعوام من الاستقرار المالي المخطط وصولاً إلى بر الأمان عام 2020.
الثامن عشر: إن معدل النمو في الناتج الوطني الإجمالي سيفوق المعدلات العالمية بعد 2018.
التاسع عشر: يبلغ الدين الداخلي والخارجي في فرنسا تريليوني يورو فهل أفلست فرنسا.
عشرون: تجاوز الدين الداخلي والدولي الأمريكي 16 تريليون دولار فهل أفلست أمريكا.
هذا والله الموفق...
** ** **
أحمد بن محمد آل يوسف - مصرفي سابق - اقتصادي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية
amyalyousef@gmail.com