العزاء هو عرفان صادق بتميز مكانة الفقيد عند الذين يعرفون قدره، وكريم مآثره ومكارم حياته، والعمالقة الكرام قي الحياة هم إلى دار الخلود بحسن فعالهم عائدون وبين الناس في الدنيا بما تركوه من مآثر باقون، وهذا هو فقيدنا الشيخ (ضاري المشعان الجربا) شيخ قبيلة شمَّر خير من يُعزَّى فيه، جزاء ما قدم في حياته للناس من خالد الأعمال وما جمع عليه قلوب الكثيرين من لُحمة الخير وطيب العيش ووفاق المحبة:
إن العزاء لفي الرجال بقاءُ
لمكارمٍ فيهم همُ أحياءُ
من كان بين الناس عملاقاً بما
أَعطى فتلك شمائلٌ شهباءُ
ولقد فقدنا بالأسى (ضاري) مَضَى
للخُلدِ تُفْتحُ للكرامِ سَماءُ
نعم.. إنه رحمه الله أنموذج الرجال الكرام الذين يجمعون بين الخلق والدين وخالص العلاقات وفاعل المواقف وأداء الخير للناس أجمعين ودستور حياته التمسك بأصول الشرع الحنيف والالتزام بقوانين الإسلام العظيم والسير على منهج سيد الخلق والمرسلين والتعامل الطيِّب الصادق مع كل الأهل و الأصدقاء والعارفين.
رحمك الله يا أبا فيصل رحمة واسعة، لقد ودَّعتْك القلوب وجزَعت على فقدك النفوس وما من أسرة إلاَّ وشعرت عليك بالأسى الحزين.
ولن أنسى ذلك اللقاء الأخوي الذي ضمني به - رحمه الله - بحضرة إخوتي، لقد كان - رحمه الله - متّسِع الأفكار طيِّب الحديث جامعاً لكل أصول المواقف والأعمال وأنموذجا عملياً للرجال المخلصين لدينهم ولوطنهم، الفاعلين الخير لكل من حولهم من الناس الأقرباء والمغتربين، لقد اعتلى المجلس بسماته الرفيعة الممزوجة بكرم النفس والضمير الحي والفكر الواعي بكل أمور الدِّين والحياة.
وأقول معزياً وقد أوجعني فراقك وأبنائك وإخوتك، أقول مواسياً للأهل والأقارب وكل من له بك صلة طيبة زرعتها فيهم وأثمرت الخير والفضائل في حياتهم: إن كان الموت قد غيَّبَك عنا وعنهم فإنك باق بفعالك وكريم طباعك ونبيل صفاتك وستبقى - بإذن الله - هذه الفضائل فينا جميعا ذكرى لك وأنت عند ربنا - جلَّ في علاه - وبإذنه تعالى - رحمته عليك سابغة وجنات النعيم لك بالخير شاملة ودعوات الصبر والسلوان للقلوب التي فقدتك صادقة مشاركة. و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
- د. قاسم المبارك