أقسى شعور قد تصاب به مشاعرك، هي أن يأخذ الموت منك قريبًا أو حبيبًا أو عزيزًا على قلبك، وكان هذا الشخص قد عاش معك سنوات طويلة لم ترَ منه زلة صغيرة تغضبك أو تؤلمك. هذا ما حصل عندما فقدت وأسرتي والدة زوجتي الخالة حصة الرويتع، في ليلة مؤلمة كانت آخر أيام شهر أغسطس، لم أعرف وقتها هل أواسي زوجتي أم فيصل أم أواسي نفسي.. في هذه اللحظة ما كان أمامي إلا أن أستجمع قواي لأكون السند القوي لأم فيصل في هذه المحنة.
لحظة الفراق وخبر الوفاة لحظة لا يمكن للشخص أن يشعر معها إلا بالذهول، لكن مع هذه الصدمة كان لا بد من استشعار عظمة الله وحكمته، فما يتوجّب علينا سوى الدعاء لها بالرحمة والمغفرة لأنها عانت في الأشهر الأخيرة من مشاكل صحيّة أدخلتها إلى العناية المركزة عدة مرات ولم تتعافَ، فاختارها الله -عز وجل- ليريحها من هذا العذاب.
بعد أن غادرت عالمنا الخالة أم خالد، فإن أقل ما يمكن تقديمه لهذه المرأة العظيمة هو ذكر محاسنها، بل كانت كل أخلاقها محاسن فكانت مثال المرأة النجدية القوية والصبورة والأم الحنون التي تحمل همّ الصغير قبل الكبير، فكانت لا تريد طفلاً يبكي أو يشتكي فتسارع بكفكفة دموعه وإشعال موقف الفرحة لتنسيه ألمه، بل كانت تدافع عنه حتى يحصل على ما يريد لذا كنا نسميها (القلب الحنون).
لم تكن خالتي أم خالد تملك ثروة مع هذا لم تتوانى في تقديم الإحسان للفقراء والمحتاجين وتقديم يد العون لهم. وبالرغم من صعوبة ظروف الحياة التي عاشتها إلا أنها كانت دائمًا مبتسمة ومبتهجة ولا نراها إلا بهذه الهيئة عند دخولنا وخروجنا من بيتها.
لا يمكن أن أصف لحظة فراقها، ولا الألم الذي اجتاحني حينها فهو أكبر من أي حروف قد تُكتب، لكن أقرب وصف له هو سكاكين حادة تجرح بلا رحمة، إلا أن إيماني أنها -بإذن الله- من أهل الجنة أطفأ الألم وأخمده.
كل ما أتمناه وأبتهل إلى الله -عز وجل- هو الدعاء لها وبأن يُصلح ذريتها ويتذكرونها دومًا بالدعاء وفعل الخير على أن يجمعهم بها الفردوس الأعلى مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين.. اللهم أرحم خالتي حصة الرويتع وأجعل مثواها الجنة.
- سعد بن مقرن المقرن