ليس هناك شيء من باب المصادفة في هذه الحياة؛ وبالتالي ليس هناك من مصادفة ليتزامن التوقيت الزماني والمكاني لهذه المناسبة العزيزة مع العيد الأكبر للمسلمين، عيد الأضحى المبارك، لكنها قد تكون رسالة، تحمل في طياتها لهذه الأرض وهذا الشعب التذكير بالنعم التي لا تُحصى، وأنه بالشكر تدوم النعم.. نعمة الأمن.. والاستقرار.. لوطن هو سفينة أمن بفضل الله، تسير بثبات في وسط إقليمي مضطرب، تتلاطم من حوله أمواج عنيفة، ذهبت بدول وشعوب مجاورة لأعماق الجحيم.. دول انهارت، وشعوب تناحرت، وشرائح وطوائف بأكملها تم إبادتها.. أو استعبادها وإذلالها.. أو تجويعها وتهجيرها.. فعندما أكتب عن اليوم الوطني لوطني فإنه بذاته يصبح للكتابة لدي إلهام.. وإلهامه صمت.. وصمته حديث.. وحديثه خافت.. يُسابق الكتابة.. وأنا المُنظم والحكم والجمهور..
أسطورة التاريخ..
عبدالعزيز.. هو الرحمة الإلهية لهذا الشعب وأجياله..
قصة كفاح سوف تظل عالقة في أذهان الأجيال والأجيال القادمة والمتعاقبة بمشيئة الله..
أسطورة المجد الخالدة المحفورة بصفحات التاريخ.. والمسكوبة بماء الذهب.. قصة كفاح للأجداد، تحكي أمانة راية، حفظوها مرفوعة لنا؛ لنتوارثها جيلاً بعد جيل.
عبدالعزيز هو ذاك الشاب الذي رحل عن وطنه.. ووطن «لم يرحل عنه».. عاش في كل قطرة دم ينبض بها قلب هذا القائد العظيم.
رحل لدولة الكويت وهو فارسٌ يستجمع قواه.. وهكذا هي الحروب؛ ليعود شمساً شارقة على وطن ظل ينتظره.. فكانت ملحمة فتح الرياض سنة 1319 - 1902 هي النور الذي أشرق على هذه الأرض؛ ليعلن بدء وانطلاق مرحلة التأسيس.. ولملمة وضمد الجراح لوطن ممزق.. وشعب منهك.. لتنتهي - ولله الحمد - بتوحيد وطن مترامي الأطراف تحت اسم (المملكة العربية السعودية).
فها نحن في يومنا الوطني الـ85، وبعد 85 عاماً من التوحيد.. نجد المملكة العربية السعودية من الدول المؤسسة لمنظمة الأمم المتحدة، وبالحفاظ على هويتها الإسلامية بميثاق الأمم المتحدة، دستورها كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام.
ومن المؤسسين لجامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والقلب النابض له.. بل نجد بلادنا - ولله الحمد - أصبحت قوة اقتصادية عالمية، وأحد أعضاء مجموعة العشرين، وأحد أقوى اللاعبين المؤثرين والأساسيين في ترسية دعائم الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.. فها نحن في المملكة العربية السعودية الحديثة نعيش السلم الداخلي وبلادنا تخوض مجموعة حروب مفتوحة الجبهات لتثبيت ركائز الأمن والاستقرار لدول وشعوب المنطقة..
أبرز الأحداث التي عاصرتها المملكة..
1- الحرب العالمية الأولى في 28 يوليو 1914 م - 11 نوفمبر 1918م.
2- الحرب العالمية الثانية في 1 سبتمبر 1939 م - 2 سبتمبر 1945م.
وكانت المملكة العربية السعودية عضواً فاعلاً، يمد الحلفاء بالنفط ضد نظام هتلر النازي.
3- الصراع العربي - الإسرائيلي 1948م.
4- العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م.
5- الصراع العربي - الإسرائيلي في 6 أكتوبر 1973م.
6- حرب الخليج الأولى (الحرب العراقية - الإيرانية) في 22 سبتمبر 1980 م - 20 أغسطس 1988م.
7- حرب الخليج الثانية وتحرير الكويت (عاصفة الصحراء) في 2 أغسطس 1990 م - 28 فبراير 1991م.
8- عضو في حرب دولية ضد الإرهاب في سوريا ضمن ائتلاف دولي.
9- حرب اليمن وقيادة ائتلاف عربي ضد جيش متمرد على الحكومة الشرعية ومليشيا متطرفة تسعى لتنفيذ أجندات معادية.
10- حرب لاستئصال خلايا الإرهاب التي تحاول جهات خارجية زرعها بالداخل.
كل ذلك العمل الجبار لم يكن كل شيء بل مراقبة أمن الحدود مع العراق الذي يعيش حالة من الفوضى والحروب وضعف الحكومة المركزية ونشاط الجماعات المتطرفة من طوائف عدة، إضافة إلى مراقبة حدود طويلة ومختلفة التضاريس ممتدة لآلاف من الكيلومترات بحرية وبرية، تحيط بالمملكة والجزر التابعة لها.. إضافة إلى استيعاب اللاجئين السوريين الذين تفوق أعدادهم المليونين ونصف المليون لاجئ سوري، وفق معاملة خاصة تليق بهم؛ كونهم بين إخوتهم السعوديين.. كل ذلك يواكبه عمل إنساني خارجي جبار عبر المساعدات العينية والمادية والطبية المقدمة من المملكة العربية السعودية للعديد من دول وشعوب العالم، وفي اليمن وفلسطين وللاجئين السوريين في تركيا والأردن ولبنان.. إضافة إلى التشريف الذي كلفها الله به باستقبال ضيوف الرحمن على مدار العام، وتوفير العناية والخدمات بشتى أنواعها، وتحقيق سبل الراحة والطمأنينة بما يرقى لضيوف الله القادمين لبيته العتيق والحرم النبوي من حجاج ومعتمرين..
كل ما قد تم ذكره وما لم يتم ذكره لم يؤثر على سير الخطط الاقتصادية والتنموية الجبارة التي تشهدها المملكة في جميع النواحي..
فجنباً إلى جنب، يد تبني، ويد تحمي.. كل ذلك ونحن لا نشعر بشيء يزعزع الأمن أو يهز الاقتصاد؛ فالشارع السعودي يعيش الأمن والرفاهية والاستقرار..
فحقاً كم أنتِ عظيمة أيتها القيادة - ولله الحمد والمنة -.
حفظ الله بلادنا المملكة العربية السعودية من كل مكروه.. ودمت يا وطني بحب.
- عبدالله بن منيف الحبيل