إن احتفال المملكة العربية السعودية بيومها الوطني الخامس والثمانين ، ليس مجرد يوم عادي ولكن هذا اليوم شهد تأسيس أكبر وأعظم وحدة يشهدها العالم في العصر الحديث وهي المملكة العربية السعودية التي استطاعت أن تمد جذورها في أعماق التاريخ عبر مواقف عظيمة وتاريخية على مدى عمرها الحافل بالنجاحات والمواقف الايجابية على كافة الاصعدة المحلية والاقليمية والدولية، وتطل السعودية على العالم كقوة لها مقومات رئيسية تتمتع بأذرعها القوية الاقتصادية والسياسية والدينية.
فالمملكة العربية السعودية تحتضن أطهر بقاع الأرض وهي مكة المكرمة والمدينة المنورة وهي مهبط الوحي وقبلة المسلمين في العالم وتهوي إليها الأفئدة عبر قدوم ملايين الحجاج والمعتمرين سنوياً، كما أنها تتمتع بمكانة سياسية كبرى، فالرياض محطة مهمة لكبار قادة العالم والسياسيين، حيث تسهم السعودية بثقلها ودورها في السياسة الدولية، علاوة على ذلك حالة الاستقرار المتميزة التي تتمتع بها السعودية مقارنة بدول مجاورة كثيرة، وقد كانت قائداً ومحركاً لإعادة اليمن إلى قيادته الشرعية، واليوم نر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي يدير شؤون وطنه من عدن بعد أن تم نفيه من قبل قلة حوثية وميليشيات مسلحة، مما يؤكد القوة العسكرية والسياسية التي تتمتع بها السعودية مما يجعلها دولة آمنة مستقرة، كما انها تسهم في استقرار وإعادة الامن لجيرانها ومن بينهم اليمن التي تعد امتداداً لأمن المملكة ودول الخليج.
أما الثقل الاقتصادي فيأتي كون السعودية ضمن أكبر 20 اقتصاداً في العالم، وهي عضو في مجموعة العشرين، وامتلاكها لأكبر احتياطي نفطي في العالم، فعندما تعطس السعودية تتأثر اسواق العالم ، كما أن السعودية محط أنظار المستثمرين ورجال الاعمال من خلال الزيارات المستمرة للوفود التجارية العالمية التي تسعى لاقتناص أي فرصة استثمارية على الأراضي السعودية كونها سوقا كبيرة وبكرا ومعدلات النمو فيها عالية، وتعد المملكة الاولى عربيا في جذب واستقطاب الاستثمارات الاجنبية، ووفقا لتقارير هيئة الاستثمار هناك فرص استثمارية جديدة تقدر بنحو 140 مليار دولار في مجالات النقل والمواصلات والرعاية الصحية والمعدات الصناعية.
ونجحت السعودية على مدى العقود الماضية أن تقيم بنية تحتية عالية المستوى، فقبل ثمانية عقود أو أكثر لم يكن في هذا الوطن طريق واحد معبد يصلح للسفر، واليوم نرى أكثر من 60 ألف كيلو متر من الطرق السريعة التي تربط الوطن شرقه بغربه؛ شماله بجنوبه، وبعد أن كانت رحلة الحج تستغرق شهوراً أصبحت في ساعات، كما أننا نرى عمليات تجريبية لقطارات تربط جدة بمكة المكرمة بالمدينة المنورة، وكذلك ربط الرياض بشمال المملكة، كما أن هناك مشاريع ضخمة لإنشاء ستة اتجاهات لقطار سيعمل داخل مدينة الرياض، ولم نر قبل توحيد المملكة مصنعاً او مشروعا استراتيجيا نشاهد الان المشاريع الشاهقة والمصانع الكبرى التي بلغت نحو 7 آلاف مصنعا باستثمارات تقدر بنحو تريليون ريال وصلت منتجاتها إلى أكثر من 120 دولة في العالم.
وهناك مؤشر مهم في المجتمع السعودي وهو ارتفاع حملة الشهادة الجامعية بين أفراد المجتمع إلى أعلى من 17.2 في المائة من إجمالي السكان في عام 2014 مقارنة بنسبة 3.8 في المائة في نهاية 1992، كما انخفضت نسبة الأمية والقادرين على القراءة والكتابة فقط من 47.1 في المائة في عام 1992 إلى أقل من 11.3 في المائة في نهاية 2014م.
إن هذه الأمثلة والنماذج التي ذكرناها سابقا توضح قصة توحيد وطني في ملحمة كبرى ضد المرض والجهل والتخلف والإرهاب، ويصاحبها خطط استراتيجية للتنمية والنمو الاقتصادي واعادة بناء الانسان واصبحنا الآن نرى صورة مختلفة للمملكة في عقود معدودات حتى تبوأت السعودية المكانة العالمية التي تليق بها.
ياسر الشريف - الرئيس التنفيذي لشركة مكين كابيتال