منيرة محمد الخميري ">
الخوف شعور قوي ومزعج تجاه خطر إما حقيقي أو من وحي الخيال.. عدو الإنسان وسبب الفشل وخلل العلاقات الإنسانية.
كثيراً هم من في قبضة الخوف خوفاً من مستقبل، من شيخوخة، من جنون، من الموت..
الخوف هو صناعة فكر مشوش.
حدثتني عن ذلك الخوف الذي تسلق إلى عقلها عبر أحاديث يومية، كانت تتناولها مع صديقاتها في المدرسة. هو حال المدرسات بالأخص، وحال الموظفات عموماً عندما يبدأ السيناريو الصباحي مع أول فنجان قهوة عن «الزوج».
حدثتها إحداهن عن زواج زوجها من أخرى بعدما أنهت معه بالمشاركة مادياً بناء مسكن لهما؛ لتسكن زوجته الجديدة في الجانب الآخر من المنزل. لتخبرها الأخرى أن زوجها يأخذ راتبها ليمنحها شيئاً من مصروفها الشهري؛ لتُفاجَأ بخبر زواجه من أخرى.
تراكمت تلك القصص وغيرها في ذاكرة عقلها؛ فكونت حاجزاً كبيراً عن ممارسة حياتها بأريحية، ومرونة وشيء من السعادة. تمكَّن منها هاجس الخوف؛ فأخذت تجمع رواتبها في البنك، لا سفر، لا مشتريات، لا ترفيه.. فقط كان همها الوحيد أن يكون رصيدها في البنك تلك الأصفار التي تُشعرها بالأمان؛ فقد أوهمت نفسها بأن هذا هو الأمان، ولكن هذه المبالغ التي تتدافع في حساباتها في البنوك حرمتها السعادة والتمتع بجماليات الحياة.. حرمتها علاقة مريحة مع زوجها، مع أبنائها.
(احفظي راتبك) جملة آمرة وناصحة من المقربين تأتي، وأيضاً البعيدين. و(لا تساعدي زوجك ليتزوج عليك).. يأتي بعدها ضرب الأمثلة كما الحالات التي سبق ذكرها،
حكمت هي وصديقاتها على الرجال من خلال حالات فردية، لا تمثل حال جميع الرجال!
ليس كل الرجال ينظر لراتب زوجته.. هناك من يتمنى فقط لحظات جميلة يدفع لأجلها الغالي والثمين؛ ليستمتع فيها مع زوجته.
زوجة تخرج من ساعات الفجر الأولى، حياتها العملية طغت على الأسرية؛ لتزور حساباتها آخر الشهر، وتطمئن كم من الأصفار ازدادت؟!
أي حياة هي تلك التي عاشتها؟! ذهب عمرها بين جمع الأرصدة، وذهب الشباب، وربما الصحة.. حرمت نفسها.. حرمت زوجها وأبناءها من التمتع براتبها؛ لتجد نفسها تجاوزت الخمسين، ولتسأل نفسها: ما الذي أستطيع أن أقدمه لنفسي بهذا العمر من مباهج الحياة؟
لا تدعي الخوف يقضي على سعادتك.. عيشي لنفسك، واستمتعي بتفاصيلها.. ساعدي زوجك بعيداً عن الخوف.. سافري معه ومع أطفالك.. ساهمي مع زوجك من خلال المشاركة بتكاليف سياحة وغيرها.. عوضيه عن الساعات التي تقضينها في المدرسة وفي ساعات التحضير في المنزل بقضاء وقت ممتع معه في مطعم، في رحلة قصيرة.. جددي حياتك؛ ليتجدد شبابك.
لا تضيعي وقتك في سيناريوهات فيما قد يأتي بعد، ولا تزعجي يومك في خيال متعب.. عيشي يومك.. تفاءلي.. ابتسمي.. طوِّري ذاتك ومهاراتك بحضور محاضرات مفيدة.. عيشي لنفسك، وفكري بنفسك أولاً وأخيراً؛ لأن وجودك في أحسن حال يدفع مَنْ هم حولك لمواقع السعادة.