(ألقيت في مهرجان الأيام العربية للقصيد الذهبي في مدينة الحمامات التونسية يوم 4-9-2015)
طال ليلي ووحشتي واغترابي
في دياري وبين كل صحابي
طال ليلي، وليلُ كلِّ غريب
مدلهمٌّ وموحش كالضباب
قلت أغدو لأسْليَ النفسَ وقتا
ربما الخير كان في الإغتراب
فتوجهت نحو (تونس) أسعى
وأمامي تلهفي واضطرابي
ليَ فيها ملاعب ومغان
وصحابٌ وذكريات شباب
أجتلي واديا وروضة زهر
وجبالا تطول هام السحاب
ومن الحقل أجتني ثمرات
من شهي الزيتون والعُنَّاب
وأقضِّي سويعة من نهار
في ظلال النخيل والأعناب
ثم ألقي بجثتي فوق شط
دافئِ الماء والهوا والتراب
أبتغي للفؤاد والروح بُرءا
من لهيب السموم في شهر آب
***
بينما كنت آمنا مطمئنا
هادئ البال ساكن الأعصاب
إذ بطيف يلوح لي من بعيد
ينشد الشعر صاعدا في الهضاب
فعرفت الغريب، قلت: سلاما
يا فقيد القصيد.. زينَ الشباب
مرحبا.. بل ألف أهلا وسهلا
بأبي القاسم العظيم الشابّي!!
شاعر الغاب والجبال الرواسي
شاعر الزهر والندى والسحاب
كم أذقت العدو سهم يراع
وحفزت الشعوب ضد الصعاب
قال: من أنت؟ أنت تبدو غريبا
فيك لاحت ملامح الأعراب!!
قلت: إني أخ لكم عربي
وبنو العُرْب كلهم أحبابي
قال لي: يا أخا العروبة مرحى
لي سؤال أريد صدق الجواب
كيف أضحت بلادكم؟ ألديكم
ما لدينا من فتنة واحتراب؟!
***
يا أبا القاسمِ الحبيبَ أرحني
من سؤال يحزُّ كالأنياب
ما أصاب البلاد شرقا وغربا
ليس يخفى على ذوي الألباب
لم يعدْ عندنا جيوش احتلال
أو عدوٌّ يسوم سُوءَ العذاب
فخلقنا من بيننا من نعادي
وحصدنا زراعة الإرهاب
وتركنا حكم الشريعة عمدا
واحتكمنا إلى قوانين غاب
من يرى غير ما نراه فمرتدّْ
دٌ عن الدين، مشرك، بل وصابي
***
قال لي والدِّما علتْ وجنتيه:
حسبي الله!.. طار مني صوابي
ما جرى ليس ثورةً من شعوب
ضد حُكْمٍ يدوسُ فوق الرقاب
ما جرى ليس ثأرةً وعداء
أو هجوما يشنه إرهابي
ما جرى كله بتخطيط أعداءٍ
تعدونهم من الأصحاب
هم عداكم مذ شع نور هداكم
قاله الله ربنا في الكتاب
ساءهمْ ما لديكمُ من أمان
فأرادوا لكم حياة اضطراب
لمسوا منكمُ رشادا ووعيا
فاستغلوا انفعال جيلِ الشباب
دسوا السمَّ في لذيذ غذاء
وأضافوا مخدرا للشراب
ثم نادوهمُ هلموا إلينا
مالكم في معيشة الأعراب؟
هاهنا العدل والمساواة
والعلم وشتى الفنونِ.. والألعاب
فأجابوا نداءهمْ دون وعي
لم يخالجهمُ قليلُ ارتياب
رجعوا نحوكم بفكر سقيم
فاقدي الدين والهدى والصواب
***
قلت: أحسنت يا صديقيَ قولا
إن ما قلتمُ لخيرُ جواب
إنني جئت قاصدا مهرجانا
لطريف الأشعار والآداب
سوف أتلو عليهمُ ما حكينا
من حوار ما بين هذي الروابي
- سعد عبدالله الغريبي