بدرية الدوسري ">
مهنة التدريس والتعليم من أجل المهن فهي تبني القيم وتوجه السلوك وتكسب المعارف والخبرات والمهارات والمعلم قدوة في كل أموره، وتعد عملية التدريس والتعلم الأساس والأسبق مهنه أساسية تنتج بقية المهن الأخرى، فالطبيب والمهندس والمحامي والمحاسب والصيدلي وغيرهم لابد وأن يمروا تحت يد المعلم، لأنهم من نتائج عمله وجهده وتدريبه في مراحل التعليم المختلفة. إذا كانت مهنة التدريس هي المهنة الأم فإن من يقوم بهذه المهنة (وهو المعلم، أو المعلمة) ذو شأن ومكانة ودور كبير في المجتمع. فالدور الذي يقوم به المعلم يفوق الدور الذي يقوم به العاملون في المهن الأخرى. فالطبيب مثلاً يعالج أفراداً معدودين، وتأثيره يكون على أجزاء محدودة من البدن، أم المعلم فتأثيره كبير ليس على أبدان التلاميذ فحسب، بل على عقولهم وقلوبهم وشخصياتهم، ولذلك فإن أثره يدوم وينتشر.
أولت الدول قديماً وحديثاً مهنة التعليم العناية الفائقة، ما من أمة إلا تسعى لأن تحتل مكاناً مرموقاً بين الأمم، فنالت العملية التربوية اهتماماً بالغاً تستطيع من خلالها بناء جيل واع متمثلاً في ثقافته أولاً ثم قادراً على التكيف مع معطيات التكنولوجيا الحديثة ثانياً. مهنة التدريس بأبعادها المختلفة ذات أهمية بالغة في الوصول بالعملية التربوية إلى الهدف المنشود.
المعلم صاحب رسالة مقدسة وشريفة، وينظر له نظرة تقدير وتبجيل، هو معلم الأجيال ومربيها. أن مهنة التعليم الذي اختارها المعلم وانتمى إليها إنما هي مهنة أساسية وركيزة هامة في تقدم الأمم وسيادتها، وتعزي بعض الأمم فشلها أو نجاحها في الحروب إلى المعلم وسياسة التعليم كما أنها تعزي تقدمها في مجالات الحضارة والرقيّ إلى سياسة التعليم أيضاً.
للمعلم مهنة عظيمة فهو الشخص الذي يقوم بعملية التعليم المنهجية, يحاول دائما من خلال مهنة التدريس أن يجدد ويبتكر، وينير عقول التلاميذ، ويهذب طباعهم، وأن يوضح الغامض، ويكشف الستار عن الخفي، ويربط بين الماضي والحاضر، ويخلق في نفوس الأجيال الناشئة الأمل واليقين، ويؤهلهم لبناء المجتمع الناجح القائم على فهم الحياة ومتطلباتها. ورسالة هي الأسمى, وتأثيره الأقوى, فهو الذي يشكل العقول والثقافات من خلال هندسة العقل البشري, ويحدد القيم والتوجهات, ويرسم إطار مستقبل الأمة.
تًجمع كل الأنظمة التعليمية بأن المعلم أحد العناصر الأساسية للعملية التعليمية التعلمية، فبدون معلم مؤهل أكاديمياً ومتدرب مهنياً يعي دوره الكبير والشامل لا يستطيع أي نظام تعليمي الوصول إلى تحقيق أهدافه المنشودة.
على المعلم:
الاعتزاز بمهنته والارتقاء بها يستشعر عظمتها ويؤمن بأهميتها، ويؤدي حقها بمهنية عالية ويساهم في تطوير المجتمع الذي يعيش فيه وتقدمه.
أن يكون أمين على كيان الوطن ووحدته وتعاون أبنائه، يعمل جاهداً لتسود المحبة المثمرة والاحترام الصادق بين المواطنين جميعاً وبينهم وبين أولي الأمر منهم، تحقيقاً لأمن الوطن واستقراره، وتمكيناً لنمائه وازدهاره، وحرصاً على سمعته ومكانته بين المجتمعات الإنسانية الراقية.
احترام قواعد السلوك الوظيفي والالتزام بالأنظمة والتعليمات وتنفيذها والمشاركة الإيجابية في نشاطات المدرسة وفعالياتها المختلفة.
الحرص على نفع طلابه، ببذل جهده كله في تعليمهم، وتوجيههم، يدلهم على طريق الخير ويرغبهم فيه ويبين لهم الشر، في رعاية متكاملة لنموهم دينياً وعلمياً وخلقياً ونفسياً واجتماعيا وصحياً.
العدل بين طلابه في عطائه وتعامله ورقابته وتقويمه لأدائهم، ويصون كرامتهم ويعي حقوقهم، ويستثمر أوقاتهم بكل مفيد وهو بذلك لا يسمح باتخاذ دروسه ساحة لغير ما يُعني بتعليمه، في مجال تخصصه.
السعي لإكساب الطالب المهارات العقلية، والعلمية، التي تنمي لديه التفكر العلمي الناقد، وحب التعلم الذاتي المستمر وممارسته.
أنّ يشاور مع الأسرة بشأن كل أمر يهم مستقبل الطلاب أو يؤثر في مسيرتهم العلمية، وفي كل تغير يطرأ على سلوكهم، أمر بالغ النفع والأهمية.
أن يكون باحث ومصمم للخبرات والنشاطات التربوية التي يقدمها لطلابه، لأن هذه الخبرات مكملة لما يكتسبه المتعلم داخل أو خارج القاعات الدراسية.
إن مهنة المعلم هي مهنة جديرة بالتقدير فكيف لا يكون ذلك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:» إنما بعثت معلماً « فالمعلم مربي أجيال وناقل ثقافة مجتمع من جيل الراشدين إلى جيل الناشئين كما أن وظيفته وظيفة سامية ومقدسة تحدث عنها الرسل والأنبياء والرجال الدين والفلاسفة على مر العصور والأجيال.
فإنه مهما تغيرت صورة المعلم اليوم كماً وكيفاً عبر أطوار الزمن المتغير، إلا أن المعلم يظل يمثّل سلاح ذو حدين لكل متغيرات الحياة ومجالاتها. وبالتالي فإن دوره ومكانته ليسا بالأمر الهين الذي نتنازل عنه ونستهين به، خاصةً ونحن في القرن الحادي والعشرين العصر الذي يتسم بتعزيز مكانة الإنسان وفق دوره ورسالته في الحياة. والمعلم في مقدمتها: فإذا نحن أفقدناه هذه المكانة فإننا لا نستطيع تعزيز دور الإنسان في المواقع الأخرى. فهل نحنُ فاعلون؟؟!!
سُئل أحد القادة العسكريين إثر انتصار حققه كيف تغلبتم على عدوكم وجيشهم يفوق ما عندكم عدة وعددا؟ فأجاب: (غلبنا عدونا بمعلم المدرسة).
أيها المعلم والمعلمة:
هذه رسالتك العظيمة وأنت أهل لها، وهذا هو مجتمعك المسلم أَسلمك فلذة كبده لتقوم بتربيته وتعليمه، فاحرص على إكسابه الأخلاق الفاضلة، ودربه على المهارات التي تنمي تفكيره وتوسع مداركه، وتهذب طباعه وتصقل قدراته وتشبع ميوله وحاجاته، وفر له الحرية والأمان لكي يتعلم وهو آمن فتزيد رغبته في التعلم، اثر دافعيته بتنويع المثيرات، وساعده على حل المشكلات التي تواجهه فان أحسنت ذلك جاء الجيل ليعلم أبناءك ويربيهم وقم بدورك نحو مجتمعك على أكمل وجه لأن المجتمع يصلح بصلاحك ويستعين بك على جيل من الشباب المتحمس لخدمة دينه ووطنه.