محمد بن عبدالله آل شملان ">
بعد أيام يقف المسلمون على عرفات الله.. وحج هذا العام يختلف عن أي سنة مضت.. ففي هذا العام استكملت خمسة مشروعات ضمن التوسعة السعودية الثالثة للمسجد الحرام بمكة المكرمة، تشمل مبنى التوسعة والساحات والأنفاق ومبنى الخدمات والطريق الدائري الأول. وقد جاءت هذه التوسعة وغيرها من التوسعات التي قبلها بعد سنوات من العمل الشاق تكلف الكثير من الجهد والمال، إلا أنه أثبت إرادة الإنسان وقدرته على التحدي!
فالتوسعة بجميع المقاييس ليست سهلة ولا هي باليسيرة، ولكنها تحتاج إلى عزم الرجال وقوة العمل من أجل قهر الصعب والمستحيل.. هكذا جاءت التوسعة، وهكذا كانت.. وستظل علامة مضيئة من علامات الجهد الخلاق المسؤول لخدمة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
وكانت التوسعة شاهداً على ما تقدمه المملكة من رعاية ودعم.. وهي لا تبخل بشيء من أجل مسلمي هذه الأرض وإخوانهم في كل مكان.. وحققت التوسعة إنجازاً أحسَّ به كل مسلم.. وعاشه كل مسلم وهو ينسم هذه الرحبات الواسعة التي جمعت ملايين المسلمين في وقت واحد.
حج هذا العام يختلف عن أي عام سبق.. فهو يشهد على روعة الأداء وما تصنعه المملكة العربية السعودية على جميع الأصعدة والمستويات من أجل راحة ضيوف الرحمن الذين يؤدون الركن الخامس للإسلام.. فمن هذه الأرض خرجت أفواج النور لتقهر الظلم والظلام وتقدم للبشرية كلها الدواء الشافي لآلامه وحصن المستقبل لها ولأجيالها.. على هذه الأرض الطيبة أضاءت أنوار الإسلام ظلامات الجاهلية وصنعت فجراً جديداً من الأمل وأنهت معاناة الإنسانية في بحثها عن الحقيقة.
من هذه الأرض اطمأنت الإنسانية وسكنت نفوسها وقلوبها بعد أن استراحت من عناء البحث الطويل.. وأصبح القرآن الكريم هو الهادي.. وهو ناموس الحياة الأعظم وهو أساس الفكر الصحيح!
إنفاق بلا حدود على الحرمين الشريفين.. إن ما أنفق على توسعة الحرمين الشريفين يفوق كل تصور بدءاً بالتوسعة التي أمر بها جلالة الملك المؤسس - طيب الله ثراه - وأتمها جلالة الملِكَيْن سعود وفيصل - رحمهما الله - ثم توسعة الساحات الشرقية التي تمت في عهد الملك خالد - رحمه الله - ثم توسعة المسجد من الجانب الغربي التي تمت في عهد الملك فهد - رحمه الله - ثم توسعة المسعى التي تمت في عهد الملك عبدالله - رحمه الله - ثم هذه التوسعة الكبرى التي أمر بها الملك عبدالله - رحمه الله - واستكملت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - وهو إنفاق ينبع من إرادة العمل على خدمة الأمة الإسلامية التي تهفو قلوبها ومشاعرها إلى الأماكن المقدسة.. فالمملكة - من واقع مسؤولياتها الإسلامية - تعمل جاهدة على تيسير أداء المسلمين لمناسكهم من خلال عمل دؤوب متواصل على امتداد العام كله.
والواقع أن العمل لا يتوقف لحظة واحدة من أجل ضيوف الرحمن الذين يتوافدون على المملكة على امتداد العام.. للعمرة أو الزيارة أو لأداء الركن الخامس.. وهو الحج.
وكما سبق وقلنا وقال غيرنا.. إن موسم الحج هذا العام له سمات مميزة وبارزة.. ففي هذا العام يشهد المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها الترجمة الحقيقية للجهد الشاق والمضني والذي أنفق خلاله البلايين من أجل تلك التوسعات التي هي معجزة حضارية ومعمارية بجميع المقاييس.. فما من مسلم شاهدها إلا وأكد أنها تفوق الوصف، فمهما قيل لن نستطيع إعطاء الحقيقة وضعها الصحيح.. إن هذا الإبهار في العمل لا يؤكد القدرة السعودية - فقط - ولكنه ينبوع متجدد بالعطاء غير المسبوق من أجل ملايين المسلمين.. عطاء لا يبتغي إلا وجه الله سبحانه وتعالى.
هكذا.. هكذا.. أصبح حج هذا العام دليلاً على قوة العمل وإرادة التحدي وتسخير كل الموارد من أجل خدمة المسلمين وعلى رأسها توسعة الحرمين الشريفين.
إن حج هذا العام هو عام الإنجاز لتوسعة عظيمة ينعم بها ملايين المسلمين الذين توافدوا على هذه الأرض المقدسة.. وهو حج مبرور بإذن الله تعالى.. وهو تأكيد في الوقت نفسه على العطاء غير المحدود من قيادة هذا الوطن الماجد (المملكة العربية السعودية) لجموع المسلمين في كل زمان ومكان.
- مدير العلاقات العامة والإعلام بتعليم وادي الدواسر