نقلة في تشكيلات الحرس الوطني من تقليدية إلى قوة عسكرية حديثة تسهم مع قواتنا المسلحة في حماية الوطن ">
تقرير - عوض مانع القحطاني:
المملكة العربية السعودية وطن العز والحزم، عطاء في كل الميادين، حاضر في كل المحافل، أمة حضارية مبدعة وانطلاقة تنموية خلاقة، وسجل متصل من العهود الزاخرة التي أفرزت بناء أمة ونهضة شعب، وقيام حضارة، حيث يصادف الأول من الميزان الثالث والعشرين من سبتمبر لهذا العام الذكرى الخامسة والثمانين لتأسيس المملكة العربية السعودية على يد المغفور له المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه. وقد سعى الملك المؤسسٌ بكل جهدٍ لبناء دولة هدفها تنمية الإنسان والاستثمار فيه، وذلك بدعوته للاستقرار أولاً ثم بتعليمه ثانياً، ثم بدعوته للمشاركة في صنع تنمية هذا الوطن الغالي.
ولا شك أن المنجزات التاريخية والحضارية المتتابعة التي تحققت ستظل ماثلة أمام العيان وتاريخاً تقرأه الأجيال المتعاقبة الذين يدركون قيمة هذه المنجزات، ومعنى حدث التوحيد والتأسيس بوصف هذه الأجيال التي عايشت الأحداث والمنجزات، ووقفت على مشاهدها لحظة بلحظه وتابعت جهود أبناء الملك المؤسس - رحمهم الله - حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله.
ووزارة الحرس الوطني هذه المؤسسة العسكرية الحضارية العملاقة هي إحدى الصفحات المضيئة لمنجزات هذا الوطن ونهضته وتطوره، كان لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله - الدور البارزُ والأساسي في تقدم هذا الصرح العسكري والحضاري منذ توليه - رحمه الله - رئاسة الحرس الوطني عام 1382 هـ، حيث عمل على إحداث نقلة جبارة لقوات الحرس الوطني من تشكيلات عسكرية تقليدية إلى قوة عسكرية حديثة متمرسة تسهم في حماية الوطن ومكتسباته وتشارك في نهضته وتقدمه نحو مدارج الرقي والازدهار.
ففي اليوم الثالث من شهر ربيع الآخر لهذا العام فجع الوطن بوفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مؤسس الحرس الوطني وباني نهضته وتطوره - رحمه الله - والذي قاد المملكة خلال مسيرة حكمه للكثير من الإنجازات وتحقيق التنمية والرخاء للوطن والمواطن، وبويع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - ملكاً للبلاد ليقود المملكة في مسيرة الخير والعطاء. وتوالت مسيرة البناء، وفي عام 1431 هـ صدر الأمر الملكي الكريم بتحويل رئاسة الحرس الوطني إلى وزارة وتعيين صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز وزيراً للحرس الوطني بعد أن تولى سموه العديد من المناصب خلال خدمته العسكرية ليتولى الإشراف المباشر على عملية التطوير والتحديث للحرس الوطني وليواصل بناء وتطوير الحرس الوطني ليستمر بالقيام بدوره الكبير كمؤسسة عسكرية وحضارية شامخة تسهم بكل نجاح في تعزيز مسيرة البناء والتنمية في وطننا الغالي، واستمر الحرس الوطني عاماً بعد عام في إضافة العطاءات في وطن الخير والنماء في ذكرى يومنا الوطني المجيد نستذكر إنجازاتنا التي نفخر بها. وتأتي رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - وافتتاحه عدداً من المشاريع الطبية العملاقة في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالرياض كأبرز إنجازات وزارة الحرس الوطني هذا العام حيث شملت هذه المشاريع مستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال ومركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية والمختبر المركزي.
كما واصلت جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية بوزارة الحرس الوطني وبدعم حكومتنا الرشيدة عطاءاتها في تخريج دفعة جديدة من طلبتها حيث رعى سمو الأمير متعب بن عبدالله هذا العام تخريج الدفعة الثانية عشرة من طلبة جامعة الملك سعود للعلوم الصحية والذين سيشاركون في تنمية بلادهم الغالية وخدمة المواطنين في مجال تقديم الرعاية الصحية المتميزة.
كما تم هذا العام افتتاح فرعي المدينة الجامعية لجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية بالأحساء وجدة والتي تمثل حرص وزارة الحرس الوطني على دعم البيئة الأكاديمية للتعليم العالي في التخصصات الصحية بالمملكة وتحقيق تطلعات خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - المتمثل في الاهتمام بتقديم التعليم العالي المتخصص في هذا المجال الحيوي المهم.
وواصلت الشئون الصحية بوزارة الحرس الوطني تحقيق المزيد من الإنجازات، إذ افتتح سمو الأمير متعب بن عبدالله فرع مركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية ومركز العيادات التخصصية الشاملة ومركز الرعاية الصحية الأولية في محافظة جدة. إضافة إلى وضع حجر الأساس للمشروعات الجديدة في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية في محافظة جدة وهما مستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال ومركز طب وجراحة الأعصاب والإصابات، كما وضع سمو الأمير متعب بن عبدالله حجر الأساس لمشروع مستشفى الملك سلمان التخصصي بالطائف والذي سيكون إضافة لمنظومة مشاريع وزارة الحرس الوطني في القطاع الصحي.
واستمراراً للإنجازات الطبية في مجال فصل التوائم تم هذا العام في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالرياض إجراء عمليات فصل التوائم السياميين اليمني والمصري وُعقد المؤتمر الخامس لسلامة المرضى والمؤتمر السعودي لطب الطوارئ، وتهدف هذه الملتقيات مواكبة المستجدات وتبادل الخبرات في تطبيق معايير وأنظمة سلامة المرضى وتطوير ممارسات الأداء بالمؤسسات الصحية.
وتشرفت قوات الحرس الوطني الباسلة في تلبية أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - بالمشاركة مع القوات العسكرية في بلادنا الغالية في عمليات عاصفة الحزم وإعادة الأمل لدعم الشرعية ونصرة إخواننا في اليمن الشقيق. حيث تمثل قوات الحرس الوطني درعاً حصيناً لبلادنا الغالية تسندها إمكانات وتجهيزات عالية المستوى في مجالات مراكز القيادة والسيطرة والتجهيزات المتطورة التي تمت بدعم مستمر من قيادة هذا الصرح العسكري الجبار، حيث زار سمو وزير الحرس الوطني قوات الحرس الوطني في منطقة نجران وتابع جاهزية هذه القوات والوقوف على تكامل كل المقومات التي تسهم في نجاح المهمة الأمنية والقتالية لوحدات الحرس الوطني في مناطق المملكة كافة. واستمراراً للجولات الميدانية لسمو وزير الحرس الوطني قام سموه بزيارة لوحدات الحرس الوطني العسكرية في منطقة الحدود الشمالية، استعرض خلالها جاهزية القوات ثم انتقل إلى مقر قيادة قوة الواجب (30) وتفقد مهام ومسؤوليات القوه والواجبات الأمنية التي تنفذها قوات الحرس الوطني في منطقة الحدود الشمالية.
وشهد هذا العام تدشين عدد من مشروعات الحرس الوطني في العديد من المناطق، حيث افتتح سمو وزير الحرس الوطني هذا العام مقر لواء طيران الحرس الوطني الأول والذي يشمل مقر قيادة لواء الطيران ومطار خشم العان الذي يحتوى على مهبط للطائرات العمودية ومدرج للطائرات الصغيرة والمتوسطة وممرات للطائرات وورش الصيانة ومخابئ الطائرات ووحدات الصيانة الأرضية، إضافة إلى مرافق للتدريب ومبنى مشبهات طائرات الأباتشي وطائرات البلاك هوك.
كما قام سموه بافتتاح وحدات ومرافق الدفاع الجوي بالحرس الوطني والذي يشمل كل التجهيزات المزودة بالأنظمة الحديثة في مجال الدفاع الجوي.
كما واصلت وزارة الحرس الوطني خطى التطوير والتحديث، حيث تم هذا العام إنجاز مقر معسكرات وحدات لواء الأمن الخاص الأول والذي اشتمل على العديد من المكونات من مبان ومعسكرات وميادين تدريب وملاعب رياضية ومرافق مساندة متعددة. وفي الأحساء تفقد سمو الأمير متعب بن عبدالله قوات الحرس الوطني للوقوف على جاهزية قوات لواء الملك عبدالعزيز الآلي وتجول سموه خلال الزيارة بالمعسكرات التي تم إنشاؤها حديثاً لمنسوبي لواء الملك عبدالله بالأحساء. كما اطلع سموه على مراحل تنفيذ المدينة السكنية لمنسوبي وزارة الحرس الوطني بالأحساء والتي تعد إحدى المنجزات الحضارية المتميزة لتحقيق الراحة والرفاهية لمنسوبيه في مختلف مناطق المملكة.
وانطلاقاً من حرص صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني بتفقد قوات وزارة الحرس الوطني في مختلف مناطق المملكة، قام سموه بتفقد لواء الأمن الخاص الثالث بالدمام، حيث استعرض سموه تشكيلات اللواء وتجهيزاته، كما شاهد عرضاً بواسطة مشبهات التدريبات في لواء الأمير محمد بن عبدالرحمن للأمن الخاص، والتي أظهرت ما يتمتع به أفراد اللواء من مهارة وامتياز، إلى جانب تفقد مشروع إسكان منسوبي وزارة الحرس الوطني في الدمام والذي يعد أحد المشاريع الإسكانية المتطورة والتي نفذت وفق أحدث الموصفات المعمارية.
واستمراراً لدورها الرائد في إعداد وتأهيل وتخريج الضباط في وزارة الحرس الوطني، احتفلت كلية الملك خالد العسكرية هذا العام بتخريج دورة تأهيل الضباط الجامعيين (26) والدورة (31) من طلاب كلية الملك خالد العسكرية لينضموا إلى زملائهم في وحدات الحرس الوطني، مقدمين أرواحهم فداء لهذا الوطن الغالي.
وضمن خطط كلية الملك خالد العسكرية للتطوير والتحديث دشن صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله مشاريع التعاملات الإلكترونية بالكلية عبر البوابة الإلكترونية الموحدة لتضيف نقلة نوعية متطورة لخدمة الكلية ومنسوبيها.
*** يعد المهرجان الوطني للتراث والثقافة والذي تنظمه وزارة الحرس الوطني كل عام مناسبة تاريخية في مجال الثقافة، ومؤشراً عميق الدلالة على اهتمام قيادتنا بالتراث والثقافة والتقاليد والقيم العربية الأصيلة.
كما تعد مناسبة وطنية تمتزج في نشاطاتها عبق تاريخنا المجيد بنتاج حاضرنا الزاهر، ومن أسمى أهداف هذا المهرجان التأكيد على هويتنا العربية الإسلامية وتأصيل موروثنا الوطني بشتى جوانبه ومحاولة الإبقاء والمحافظة عليه ليبقى ماثلاً للأجيال القادمة.
وتؤكد الرعاية الملكية الكريمة للمهرجان الأهمية القصوى التي توليها قيادة المملكة لعملية ربط التكوين الثقافي المعاصر للإنسان السعودي بالميراث الإنساني الكبير الذي يشكل جزءاً كبيراً من تاريخ البلاد.
ويمثل الإنسان أغلى وأثمن ثروة في بلادنا، وهو الذي تقام من أجله المشروعات العملاقة حيث تواصل وزارة الحرس الوطني دعم وزيادة مشروعات الإسكان لمنسوبيها من خلال التوسع في بناء المدن السكنية العملاقة في مناطق المملكة المختلفة، وفي هذا الإطار نفّذت وزارة الحرس الوطني ست مدن سكنية في كل من الرياض، وجدة والأحساء والدمام والطائف، وقد تم تزويد المدن السكنية بعشرات المباني المكمّلة من مساجد ومدارس ومستوصفات وملاعب وميادين للخدمات، وأسواق مركزية، ومراكز رياض للأطفال، ومكتبات عامة، وأندية ترفيهية واجتماعية، لتسهم هذه المشروعات في استقرار ورفاهية منسوبي الحرس الوطني.
واستمراراً لاهتمام وزارة الحرس الوطني بالتواصل مع المواطنين واطلاعهم على أنشطة الوزارة وأخبارها دشن صاحب السمو الملكي وزير الحرس الوطني حساب الوزارة الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، كما تم هذا العام إطلاق النسخة الجديدة المطورة من موقع وزارة الحرس الوطني الداخلي والخارجي على شبكة الإنترنت لتقديم الخدمات الإلكترونية لمنسوبي الوزارة والزوار والمستفيدين.
وللحرس الوطني مساهمة متميّزة مع بقية قطاعات الدولة في خدمة ضيوف الرحمن والسهر على أمنهم ويتشرّف منسوبو وزارة الحرس الوطني سنوياً بالمساهمة في خدمة ضيوف الرحمن حيث يتم تجنيد كل الإمكانات الأمنية والإرشادية والصحية والإعلامية لخدمة ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام.
لقد ورث الحرس الوطني كل خصائص عصر البطولة وتجسدت في وحداته وتشكيلاته كل صفات الشعب النبيل الذي شارك في بناء المملكة العربية السعودية، ويتشرف منسوبوه في الدفاع عن وطننا وبذل الغالي والنفيس لصون حدوده والدفاع عن مكتسباته وتقديم أرواحهم الطاهرة فداء لهذا الوطن الغالي.
من هذا التلاحم بين الشعب والدولة والقيادة تنبثق رسالة الحرس الوطني ومهامه، ومن هذه العلاقة العريقة تُستمد تقاليده العسكرية المستقرة ويعزز تماسكه الداخلي وتتأكد له وحدة الرأي والعمل في كل أنساقه وعلى كل الأصعدة إنه تلاحم عميق ينبع من عمق التاريخ ويصب في الحاضر الناهض المتقدم والمستقبل الزاهر المشرق في ظل قيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين.