أسمى آيات التهاني للقيادة الكريمة والشعب الأبي بحلول ذكرى يوم الوطن، هذا اليوم المشهود؛ يوم توحيد المملكة العربية السعودية على يد القائد الفذ مؤسس هذه الدولة الفتية الناهضة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - هو يوم الفخر والاعتزاز بقيادتنا ومنجزاتنا وخيرات بلادنا، وحَق على كل مِنّا كمواطنين أن نرفع أكف الدعاء والضراعة إلى المولى سبحانه مُبتهلين اليه بأن يمنحنا المزيد من العز والتمكين والمجد، وأن يحفظ لنا أمننا الوارف وعيشنا الرغيد في ظل قيادة حكيمة تنشد الرخاء والرفاهية للمواطن أينما كان، فمنذ عهد المؤسس وموحد أجزاء مملكتنا الغالية وتتابع عهود أبنائه الملوك البررة والوطن والمواطن ينعم بهذا الرخاء، ويَخْلُد آمناً مطمئناً تحرسه بعد الله عيون لا تنام، خلفها قيادة مخلصة آلت على نفسها ان يكون المواطن هو مرتكز التنمية كما هو عماد الوطن؛ وترى ان مواطناً هذا شأنه وقدره يستحق منها كل ما يحيط به من مقومات الحياة الكريمة في كل مجال وميدان، وهذا سر ما نشاهده ونعيشه من تلاحم وترابط مكين بين القيادة والشعب بمملكة الحب والحزم والإنسانية (المملكة العربية السعودية)، وهو ما أثمر عن إنجازات وطنية مخلصة من قيادة ومواطن وضعوا أيديهم بأيدي بعض للنهوض بالبلاد والعباد للوصول الى ما نحن عليه من واقع مُشَرّف، وتقدم ورقي بين الأمم، ومكانة عالية مؤثرة للمملكة وقياداتها الحكيمة في كافة المحافل الدولية، وخير دليل وبرهان سياسة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين ملك العزم والحزم الملك سلمان بن عبد العزيز، أيده الله وزاده عزاً وتمكيناً، ليقود مسيرة التنمية والتطوير الشامل.
ولعل من المناسب والحديث عن ذكرى يوم الوطن وعزه وإنجازاته الباهرة والقياسية في تاريخ الأمم؛ أن نقدم اضاءات سريعة موجزة عما تحقق ويتحقق حالياً بمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون بالرياض، في إطار النقلة النوعية التي حققتها وزارة الصحة بهذا المستشفى من ارقى الخدمات الصحية والعلاجية للمواطن والمقيم، فقد حاز المستشفى جوائز ومراكز متقدمة في عدة مجالات ليصطف إلى جانب مراكز مماثلة على مستوى العالم وبشهادة جهات متخصصة مُعتمدة دولياً، ومن خير الأمثلة مختبر زراعة الخلايا الجذعية لقرنية العين بشقيه الإكلينيكي والبحثي الذي أنشأه مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون بالرياض، ويعد الأول من نوعه بالشرق الأوسط، وأحد المختبرات القليلة على مستوى العالم في هذا التخصص، ومن خلال برنامج التخصصات الدقيقة في طب وجراحة العيون يتم تخريج دفعات من الأطباء من الجنسين بما في ذلك أطباء ملتحقون من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وفي إطار رعاية المستشفى للقاءات والندوات والمؤتمرات المتخصصة (المحلية والإقليمية والدولية) يتم عقد ندوات ومؤتمرات طبية بشكل دوري، وهذا كمثال عابر وجزء من أعمال متقدمة في هذا المجال الحيوي الهام، والمستشفى ومن مكانته المتميزة بين مراكز العيون بالعالم ملتزم بتوفير أفضل وأعلى مستوى من الرعاية الطبية التخصصية في علاج أمراض العيون مدعومة بإجراء البحوث العلمية مع التوسع في برامج التعليم والتدريب، كما أن المستشفى أخذ يُطَبّق نظام الملف الصحي الإلكتروني بشكل كامل، اذ إن تطبيق النظام الجديد الموحد للملف الصحي الإلكتروني ساعد في الارتقاء بجودة الرعاية الطبية وكفاءتها، وتطبيق نظام (تراكير) المعمول به يهدف إلى توفير أفضل مستوى للرعاية الصحية وضمان سلامة المرضى، كما سيكون له مردود إيجابي فيما يختص بالجوانب الإدارية للمستشفى، وهذا الصرح الطبي والعلمي أسهم في تخريج أكثر من 50% من القوى العاملة في مجال طب وجراحة العيون على مدى ثلاثة عقود مَضَت، وحاز شهرة عالمية كمرجع علمي عند أطباء العيون في أنحاء العالم، وساعد الآلاف من مرضى العيون على استعادة الإبصار كما يُسهم في التعليم الطبي المستمر وتدريب الأطباء المقيمين وفي التخصصات الدقيقة ويمنحهم شهادات البورد السعودي في هذه التخصصات، والتعاون القائم بين المستشفى وجامعة (جونز هوبكنز) فتح مجالات التعليم والتدريب للأطباء السعوديين في هوبكنز، كما أسمت الاتفاقية بأعمال بحثية مشتركة، ورفعت مستوى التدريب وإعداد الأبحاث التي عُرضت في اجتماعات عالمية ونُشرت في مجلات علمية متخصصة.
ومن أهم الإنجازات أيضاً نجاح المستشفى في إجراء عمليات زراعة (الشبكية التعويضية لفاقدي البصر) وهي الأولى من نوعها خارج الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وتم اجراء عدد من عمليات زراعة الخلايا الجذعية للقرنية، وذلك يعد إنجازاً طبياً مميزاً على مستوى الشرق الأوسط حيث لا يوجد إلا مراكز طبية محددة حول العالم لإجراء مثل هذه العمليات، كما تمكن بنك العيون بالمستشفى من إجراء آلاف العمليات لزراعة القرنية وجاءت بنتائج وجودة تماثل ما حققته أكبر مراكز زراعة القرنية في الولايات المتّحدة الأمريكيّة وأوروبا، والمستشفى معترف به من (JCIA) العالمية منذ إنشائه، كما حصل على شهادة (المستشفيات المعززة للصحة) الأوروبية كأول مستشفى في المنطقة ولأكثر من مرة، وحصل المستشفى على جائزة تصنيف المستوى السادس لنظم اعتماد السجلات الطبية الإلكترونية المعروف بنموذج (EMRAM) الذي يندرج تحت مظلة جمعية أنظمة معلومات الرعاية الصحية وإدارتها (HIMSS) ومقرها الولايات المتحدة الأمريكية، ولدى المستشفى العديد من المشروعات التوسعية الحالية والمستقبلية، ومزيد من برامج التطوير والتدريب للكوادر الصحية الوطنية، وهذا ما قد يطول شرحه ولا يتسع المجال للإحاطة به في هذه العجالة.
ولعل من نافلة القول أن يتم التذكير بأن رؤية المستشفى ومنهج رسالته تنطلق من السعي لتحقيق أهدافه في مكافحة العمى في المملكة العربية السعودية والشرق الأوسط، والارتقاء بمستوى البحث العلمي في مجال طب العيون، ورفع الخدمات المقدمة في مجال الإبصار ودعمها، بجانب تقديم الحلول العلاجية المتكاملة للمواطنين، من خلال اقامة مركز متميز في طب وجراحة العيون يسهل الوصول اليه، والمستشفى منذ بداية تشغيله يسير بخطى ثابتة وفق ما خطط له، حيث حقق سلسلة طويلة من الإنجازات والبحوث الطبية لأكثر من 30 سنة، وتتركز رسالة المستشفى في المقام الأول بتقديم الرعاية الطبية المتخصصة في مجال طب وجراحة العيون التي يصعب علاجها في المستشفيات الأخرى بمناطق ومحافظات المملكة، إضافة إلى دوره الرئيسي في القيام بإجراء البحوث والدراسات عن أمراض العيون المختلفة.
حفظ الله بلادنا من كل شر وسوء، وحفظ لها ولاة أمرنا وأعز جانبهم ذخراً للعرب والإسلام والمسلمين، ودمت يا وطن المجد شامخاً بين الأوطان.
د. عبد الإله بن عبّاد الطويرقي - المدير العام التنفيذي لمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون بالرياض