عبدالله حمد الحقيل ">
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له.
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي أرسله الله رحمة وهدي للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
جاءت العقيدة الإسلامية رحمة للأمة، حيث قضت عل الشرك والكفر والضلال في جميع صوره وأشكاله وعلى الانحرافات ومعالم الشر وسمت بالنفس الإنسانية، ودعت إلى المحبة والتآخي، والأمن والاطمئنان، فنظمت ورسمت حياة المجتمع في إطار واضح وصحيح.
لقد جعل الله الحج فوائد للمسلمين, حيث يلتقي المسلمون في رحاب أقدس بقعة في الأرض في مكة المكرمة، متجاوبة قلوبهم ومتصافحة نفوسهم ومليئة بالسعادة والبهجة ومفعمة بالغبطة والتطلع إلى رحمة الله، مع الالتزام بالهدوء والسكينة، الذي هو عنصر أساسي وقاعدة من قواعد الإسلام.
إن الحج لمناسبة كريمة وعزيزة على قلب كل مسلم، فسعى إليها قادماً من كل نواحي الدنيا وفجاج الأرض والأماكن النائية، متجشمين السفر، ليشهدوا المنافع التي ذكرها الله سبحانه وتعالى حيث قال {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ. لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ}.
يفدون من كل جنس وأمة، من قارات متباعدة ولغات متباينة منصهرين في بوتقة واحدة هي الإسلام، الذي من جعله أمامه، وإمامه قاده إلى الجنة ومن جعله وراءه ساقه إلى النار وبئس القرار.
إن الحج لمظهر رائع تحقق فيه الأخوة الصادقة والأمن والاطمئنان، قال تعالى {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } وقال {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}.
إنكم أيها الإخوة على موعد مع الله ناداكم فلبيتموه وأمركم فأطعتموه، لقد جئتم إلى هذه الديار المقدسة الطاهرة والتي وقف عليها من قبل سيد الخلق نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلمنا وأوضح لنا كيف نحج وكيف نلتزم بآداب الحج من هدوء وسكينة واطمئنان فلا صوت إلا صوت الحق بالتلبية والدعاء والطاعة ولا كلمة إلا كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
فينبغي أن نتمسك بهدي سيد الآنام عليه الصلاة والسلام وأن نعمل على تطهير نفوسنا من كل حقد وقلوبنا من كل سوء وأن تصفو القلوب وتسمو النفوس بالطهر والمحبة والتآخي وتوحيد الصفوف والكلمة والتآلف والمودة، ونبذ الفرقة وكل عمل سيء لا يتفق مع روح الحج وأهدافه السامية الكريمة.
فلنتأمل حكمة الإسلام في الحج حيث نؤدي مناسكه في خشوع وخضوع، وعبادة وهدوء وأمن وطاعة ورفق وإيمان والتقرب إلى الله والاعتراف بعظمته وشكره على نعمه وتطهير النفس والسمو بها والاعتصام بالقرآن الكريم، والعمل بالسنة المطهرة، ولقد جاء في الحديث قوله عليه الصلاة والسلام «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة).