عبد الله بن عبد العزيز الفالح ">
إن ركن الحج الذي هو التعبُّد لله تعالى بأداء هذا النسك العظيم على الاستطاعة، يجب أن تكون له مكانته الكبيرة والجهد الطيب من قِبلنا، فكما يُقال إن الأجر على قدر المشقة، لا أن يكون الحج كأنه رحلة ترفيهية وسياحية إلى بعض المناطق السياحية أو الدول الأوروبية، حيث السكن المريح الفخم ذي النجوم الخمس، وهل وصل الحال بالحج لدى البعض إلى هذا المستوى الذي لا يتوافر فيه جو العبادة كما ينبغي، ولا تحصل للحاج تلك المشقة كما يلقاها غيره حتى يحصل على أجرها - بإذن الله تعالى -، كما وصل مستوى خدمات بعض حملات الحج إلى حد المبالغة والإسراف والترفيه الزائد حتى إنك لتجد في إحداها خدمات كبيرة قد يجدها الشخص عند ذهابه في عطلته الصيفية إلى أماكن أخرى خارجية، وتصل قيمة وتكاليف حجة الفرد الواحد لدى هذه الحملات إلى آلاف من الريالات!.. وليس معنى هذا أن نجحف حق الحملات الأخرى خصوصاً أصحاب الخبرة فيها الذين يرضون بالربح القليل ويقنعون به هذا إذا كتب الله لهم ربحاً، وقد يواجهون تكاليف يتكبدونها، لكن مقصدهم قبل ذلك هو وجه الله تبارك وتعالى في تسهيل وتيسير أداء هذا الركن العظيم للآخرين.
إن حملات الحج المتوافرة منذ سنوات ما وجدت إلا من أجل تحقيق سبل الوصول إلى مكة المكرمة الشريفة لأداء هذه الشعيرة والفريضة الكبيرة المباركة، والتي هي الركن الخامس من أركان الإسلام لمن استطاع إليه سبيلاً.. لكن أن يأتي هذا الركن من خلال تلك الحملات وهذه الخدمات (الراقية والسياحية)، وهذا ولا شك لا يرضى به المؤمن الذي يحرص على بذل ما يستطيع من جهد، وما يملك من مال كل ذلك من أجل أداء هذا النسك الإسلامي في جو روحاني وعبادة متكاملة - بإذن الله عز وجل -، حتى يرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه - بإذنه سبحانه - كما قال الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. إن الحج جهاد من نوع آخر وبذل للمال الحلال والجهد والمشقة حتى إن آباءنا وأجدادنا في السابق كانوا يسيرون إلى مكة المكرمة أياماً وأشهراً لأجل بلوغ هذه البقاع الطاهرة ويتكبدون المشاق ويواجهون الأخطار في طريقهم ويجمعون الأموال لتحقيق هذا الحلم الذي ينتظرونه لسنوات.. أما الحج عند البعض فإنه يختلف كثيراً عن السابق حيث الخدمات الفندقية الراقية الآنفة الذكر!!! كما أحب أن أنوه إلى بعض المقترحات المتعلقة بالحرم النبوي الشريف لعلها تجد آذاناً صاغية واهتماماً من لدن المسؤولين عن الحرمين الشريفين بارك الله فيهم وفي جهودهم. إن المدينة النبوية الشريفة الطاهرة على صاحبها أفضل الصلوات وأتم التسليم لها قدسيتها ومكانتها لدينا نحن المسلمين، والحرم النبوي الشريف له مكانته الكبيرة هو الآخر.. لهذا فلدي بعض الملاحظات أحببت ذكرها للمسؤولين عن شؤون الحرم المكي والحرم النبوي - وكالة الرئاسة لشؤون الحرم النبوي الشريف جزاهم الله خيراً، أحسب أنها ستجد آذاناً صاغية وتجاوباً طيباً - بإذن الله - والتي منها:
* يحتاج الحرم إلى عمل خطوط أو علامات واضحة من أجل ترتيب وتنظيم صفوف المصلين حتى تكون الصفوف متراصة ومتساوية ومكتملة كما هو معمول به في الحرم المكي الشريف، والحقيقة أن على المصلين وجوب تسوية الصفوف سواء وجدت هذه العلامات أو لم توجد لأن تسوية الصفوف من تمام الصلاة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أن وضع مثل هذه الخطوط والعلامات يساعد على التسوية - بإذن الله -.
* التنظيم لما يحدث من مزاحمة عند أبواب ومداخل الحرم حيث يصلي كثيرٌ من المصلين عند المداخل أحياناً مع وجود أماكن واسعة داخل الحرم، إذ يجب تكملة الصفوف فلا يجوز ترك فراغات بينها دون إتمام.
* توعية النساء وتنظيم المصلى الخاص بهن خصوصاً اللاتي يأتين بأطفالهن الرضع دون متابعة ومراقبة لهم، مما يؤدي إلى ما يحدث من اتساخ لأماكن الصلاة والسجاد، إضافة إلى ترك بعض الأطفال يلهون ويلعبون دون مراقبة من أمهاتهم أو آبائهم!
* العمل على وضع أجهزة خاصة لمنع أصوات الهواتف الجوالة خصوصاً أن البعض من المصلين - هدانا الله وإياهم - يجعلون أجهزتهم تعمل بالأصوات الموسيقية، لذلك يجب منع هذه الأصوات احتراماً للمسجد الحرام الشريف وقدسيته.
* تنظيم صناديق وأماكن وضع الأحذية حتى لا نجد بعضاً منها على السجاد وأمام المصلين، فعلى المصلين الاهتمام بهذه الناحية.
* التوعية المستمرة للمصلين من خلال الأشرطة والكتيبات وغيرها حول الاهتمام بالحرم الشريف والعناية به، وكذلك الابتعاد عن البدع التي يؤديها البعض عند زيارته للمدينة النبوية الشريفة - هدانا الله وإياهم إلى الصراط المستقيم -، علينا جميعاً التعاون من أجل العناية بالمسجد الحرام والاهتمام به حسياً ومعنوياً فقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}، وفي هذا المقام نقدم شكرنا وتقديرنا للمسؤولين في وكالة الرئاسة لشؤون الحرم النبوي الشريف لما يقدمونه ويبذلونه من جهود طيبة وهامة في سبيل خدمة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، خصوصاً أنهم بين وقت وآخر يطرحون أفكاراً وخدمات طيبة ونافعة تُذكر لهم فتُشكر، فجزاهم الله والعاملين معهم خيراً, وجعل ذلك في ميزان حسناتهم اللهم آمين.