كتب - سلطان الحارثي:
منذ فترات طويلة والمنتخب السعودي يعاني من عدم انضباط بعض اللاعبين المنضمين له، ولا يكاد يعسكر المنتخب إلا ونسمع عن مشكلة حدثت فيه سواء بافتعال قضية ليس لها ما يبررها أو عدم انضباط سواء في موعد النوم، أو التأخر عن التمارين، أو هروب وانسحاب لاعبين من المعسكر، ولعل آخرها هروب ثلاثي المنتخب (شايع شراحيلي، فهد المولد، وعبد الفتاح عسيري)، وذلك بعد نهاية لقاء المنتخب السعودي بنظيره الماليزي الذي أنهاه الحكم قبل نهايته بداع الشغب الجماهيري، وعلى الرغم من تلك الأحداث إلا أن هذا الثلاثي لم يلتزم بالتعليمات الصادرة من رئيس اتحاد الكرة أحمد عيد، ولذلك تمت معاقبتهم من قبل المكتب التنفيذي.
(الجزيرة) استقصت آراء عدد من المختصين حول عدم انضباط اللاعبين مع المنتخب، وما هي أسبابه، مع تعليقهم على عقوبة الثلاثي الذي هرب من المنتخب.
أنور: الانضباطية
تبدأ من الشخص نفسه
في البداية أشار قائد المنتخب السعودي السابق فؤاد أنور الى أن الانضباطية لا بد أن تبدأ من الشخص نفسه، حيث يجب عليه أن يدرك أن ارتداء شعار المنتخب تشريف أكثر من أنه تكليف، ويتبع لهذا الشعار ملايين من البشر، تشجعه وتسانده، ولذلك لا بد أن يشعر اللاعبون بالمسؤولية، وقال: «بعد مسؤولية اللاعب تأتي مسؤولية القائمين على المنتخب، حيث لا بد أن تطبق القوانين على غير المنضبطين، ولا بد من احترام الشعار الذي يحمل راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، تلك الراية التي تُحتم على الجميع الالتزام والانضباط سواء داخل أو خارج الملعب، خاصة أن من يرتدي شعار المنتخب يُعدُّ جنديا من جنود الوطن.
وتابع: «مسألة العقاب والثواب لا بد أن تكون موجودة، ولا بد أن تحضر الصرامة، فتمثيل الوطن ليس بالأمر الهين، ومن يخطئ لا بد أن يُعاقب وتعلن عقوبته أمام الجميع، وعلى المسؤولين أن يكونوا أقوياء وأن لا يحابوا أي ناد».
وشدد أنور على أن أحد أهم أسباب عدم انضباطية اللاعبين مع المنتخب هو دور الإعلام والجمهور الموالي لفريق اللاعب المخطئ، حيث قال: «اللاعب حينما يخطئ في النادي يعرف ويدرك أن جمهور ناديه والإعلام الموالي له سيُعاقبه وينتقده، ولكن حينما يذهب للمنتخب ويخطئ تتغير تلك المنهجية، حيث يقف معه جمهور ناديه والإعلام الموالي له، وسيقاتل من أجل الدفاع عنه حتى وإن كان مخطئا، وهذا أمر غير صحي، ولا بد أن يتغير، حيث يجب أن يدرك الجميع أن المنتخب فوق الجميع، ومن يخطئ لا بد أن يُعاقب».
وعن دور اتحاد القدم، وإدارة المنتخب، قال: «في قضية هروب ثلاثي المنتخب الأخيرة، ضعنا ما بين نسيان اللائحة وعدم تسليمها، وهذا خطأ يتحمله اتحاد القدم في المقام الأول، وتتحمله إدارة المنتخب، ولذلك يجب على اتحاد القدم إيجاد لائحة عقوبات، ومن ثم تسليمها في وقتها حتى يكون اللاعب على إطلاع كامل».
وحول تعليقه على عقوبة ثلاثي المنتخب شايع شراحيلي وفهد المولد وعبد الفتاح عسيري بإيقافهم شهرين عن المنتخب وتغريم كل لاعب خمسين ألف ريال، قال: «عقوبة جيدة نسبة إلى أنها لم تعتمد على لائحة اطلع عليها اللاعبون وتم اعتمادها، ولو أراد اتحاد القدم تغليظ العقوبة على اللاعبين مثل إيقافهم عن أنديتهم فربما يدخل في إشكالية قانونية مع الأندية، ولذلك أعتقد أنها عقوبة مستحقة للثلاثي».
العجلان : الانضباطية مفقودة
داخل اتحاد الكرة!!
من جانبه، أكد خالد العجلان رئيس نادي الطائي السابق أن الانضباطية أصبحت مفقودة داخل اتحاد القدم، ولذلك عمت الفوضى بقية مكوناته، وقال: «طالما أن الرقابة في المنتخبات ضعيفة جدا، والانفلات أصبح لهذه الدرجة، فاللاعب هنا أمن العقوبة، ومن أمن العقوبة أساء الأدب».
وزاد: «اتحاد القدم ليس لديه لائحة ولا نظام، وليس فيه انضباط، وأصبح الانفلات يضرب بأطنابه، والمشكلة أن الانفلات لم يعد فردي، بل أصبح يتكرر في كل معسكر وفي كل مباراة وفي كل بطولة، وفي المقابل يلتزم اتحاد القدم بالصمت ولا يتحرك».
وشدد العجلان على أن ولاء اللاعبين أصبح للنادي أكثر من المنتخب، وقال: «في السابق كان لا يُضم اللاعب للمنتخب إلا وقد عُصر وجُرب، أما الآن فمتى برز أي لاعب في مباراتين وجد نفسه في المنتخب، ولذلك أصبح اللاعب بدون أي إحساس للمنتخب».
وأشار العجلان الى أن اتحاد القدم لا يملك رؤية واضحة حيال تعاطيه مع قضايا المنتخب، وقال: «منظومة اتحاد القدم وبكل أسف أصبحت سيئة، وأصبح مسؤولي اتحاد القدم يخافون من إيقاع عقوبة على لاعب لناد كبير، ويخشون قوة بعض رؤساء أندية معينة، ولذلك هم أرادوا عدم التورط، وأشاروا في بداية قضية هروب اللاعبين الأخيرة الى أن اللائحة تدرس، وهذا التبرير لا يجدي، فهل يعقل أن اتحاد القدم إلى الآن لم يضع لائحة؟ إن كان تبريرهم صحيحا فهذا يعني أن اتحاد القدم ليس متفرغاً للعمل».
وعلق العجلان على معاقبة ثلاثي المنتخب السعودي، حيث قال: «هذه ليست بعقوبة، هذه إراحة لاعبين، وبودي هنا أن أتساءل، ألهذه الدرجة أصبح شعار المنتخب رخيصا، هذه يا اتحاد القدم سقطة لن تغتفر».
وأضاف: «يجب ألا نتساهل في حق الوطن، وعلم الدولة وشعار الوطن يجب أن يُحترم من الجميع، ومن يخطئ يجب أن يُعاقب بأشد عقوبة، ويجب أن يقيم اتحاد القدم ورش عمل مع الأندية حيال هذا الموضوع، فنحن كل شيء يهون لدينا إلا الوطن».
الخالد: أحمد عيد تدخل
في أمر لا يعنيه
من جهته، أرجع الدكتور عبد العزيز الخالد أسباب عدم انضباط بعض اللاعبين إلى سوء التأسيس، وقال: «عدم انضباط اللاعب السعودي لا يقتصر على المنتخب بل هناك لاعبون غير منضبطين سواء لعب مع المنتخب أو مع النادي المنتمي له، وهذه تعود إلى عدم تأسيسه بالشكل الصحيح، وعدم فهمه الكامل لحقوقه وواجباته، وعدم إدراكه لثقافة الاحتراف، كما أن الإداريين يتحملون جزءا من هذه العملية، بالإضافة إلى أننا كمجتمع نعاني من عدم الانضباطية».
وأضاف: «اللوائح والأنظمة مهمة للحد من عدم انضباط اللاعبين، ولكن الأهم هو آلية التطبيق، ومدى إدراك اللاعب لهذه اللوائح، فاللاعب متى شعر بخطر العقوبة انضبط».
وحول من يتحمل عدم انضباط اللاعبين، قال: «اتحاد القدم يتحمل جزءا، وإدارة المنتخب تتحمل جزءا كبيرا، كما أن الأندية تتحمل جزءا من عدم انضباط لاعبيها».
وزاد: «نظام الاتحاد، واللجان الانضباطية فيه، والتباين في القرارات، وعدم وجود لوائح، كلها تدين اتحاد القدم، كما أن عملنا إلى الآن ارتجالي، والاجتهادات لا زالت قائمة».
وتساءل الخالد عن مدى قانونية معاقبة ثلاثي المنتخب (شايع والمولد وعسيري)، وقال: «هل تلك العقوبة التي أصدرها اتحاد القدم تستند على نص واضح وصريح، الأمر الآخر والمهم ألم يكن بإمكان المسؤولين عن المنتخب معالجة الأمر تربويا قبل العقوبة، فالمسؤولون لا بد أن يساعدوا اللاعبين على أنفسهم وأخطائهم، ولا يفرحوا بالعقاب، فالعقاب لن يكون رادعا سواء أوقف أو غرم، وما لم نؤسس اللاعبين تأسيسا صحيحا يساعدهم على النجاح سيستمر عدم الانضباط».
وعرج الخالد على حديث أحمد عيد رئيس اتحاد القدم مع اللاعبين وتحذيرهم من الخروج، حيث قال: «ليس لأحمد عيد دخل، ومن الخطأ أن أحمد عيد يتدخل مع اللاعبين، بل كان يجب عليه إعطاء التوجيهات لإدارة المنتخب وهم من يباشرون ويتحدثون مع اللاعبين وعلى اللاعبين أن ينفذوا التعليمات بمحبة وتقدير، فالجميع لا بد أن يكونوا أسرة واحدة، وقلب واحد، متى التزمنا بهذه المنهجية لن يصدر الخطأ من أحد».