هوت الرافعة بأمر الله وقدرِه، فارتفعت بها أرواح إلى باريها، ودخلت فيها أجساد إلى مشافيها، في حادثة مؤلمة عصر الجمعة قبيل حج عام 1436هـ في الحرم المكي الشريف، رافعة مكة إذْ هوت أثارت الأشجان، وكانت فيها العبر والعظات والدروس المؤثرة، ومن ذلك مواقف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمانِ بنِ عبدِ العزيزِ العظيمة حفظه الله تعالى ورعاه، الذي باشر الموقع متفقّدًا المكان، مترحِّمًا على المتوفين، عائدًا المصابين، رعى الله وليّ أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك الإنسان الذي جمع الحزم والرحمة، ورحم الله من مات، وشفى كل مصاب.
ربَّاهُ ما أقسى المصابَ وهولَه!
أمٌّ غدتْ بوليدِها تتفجَّعُ
مِنْ بعدِ أنْ أمسى الوليدُ مسارعًا
مِن حولِها متلاعبًا إذْ فُزِّعوا
الموتُ فرَّقَ شملَ مَنْ في قُربِهمْ
عمَ الهنا مِنْ قبلِ أنْ يتصدَّعوا
مِنْ طائفٍ ختمَ الإلهُ حياتَه
نِبختامِ خيرٍ يا لَنِعمَ المَرْتَعُ
أو ساجدٍ للهِ ظلَّ سجودُهُ
حتى يكونَ لدى الإلهِ المرْجِعُ
أو راكِعٍ مِنْ بعدِ حُسنِ قيامِهِ
تسبيحُ ربّي طابَ فيهِ الرُّكَّعُ
في جُمعَةٍ سكبَ الحجيجُ دموعَهمْ
طابتْ دماؤهمْ وطابتْ أدمُعُ
أجرُ الشهادةِ يا لَهدْمٍ نالَهمْ
قدْ شيدَ في ذا للشهيدِ المَرْبَعُ
حتى إذا حُمَّ القضاءُ بأمرِهِ
هَوَتِ التي ظلَّتْ سِنيهَا تَرفَعُ
حمدًا لكَ اللهمَّ ربّي فضلكمْ
قدْ أمسكَ الأخرى فلا تتزعزَعُ
كيفَ المصيرُ لو انها هَوَتا معًا
فتساقَطتْ تلكَ الروافعُ أجمَعُ
سلمانُ أقبلَ في خطىً مكلومةٍ
الجُرْحُ جُرحُ مليكِنا إذْ يَفزَعُ
أمضى النهارَ مع المساءِ تفقُّدًا
يمشي ويركبُ حزمُهُ لا يرجعُ
إيمانُكمْ بقضاءِ ربّي ثابتٌ
كجبالِ مكةَ لمْ يَضِرْها المِدفَعُ
لكنَّهُ لم يُعْفِ أيَّ مقَصِّرٍ
لتسوقَهُ نحوَ العدالةِ أذرُعُ
حزمٌ وعطفٌ للمليكِ جناحُهُ
بهما غدا حيثُ المكارمُ تُجمَعُ
قدْ سِرتَ في دربِ العُلا متمكِّنًا
ومُحمَّداكَ على طريقكَ تُبَّعُ
يا خادمَ الحرمينِ زُرهمْ راجيًا
تخفيفَ جُرحهمُ ونِعمَ المصنَعُ
سلمانُ زُرهمْ أنت فيهم والدٌ
عيناكَ مِنْ فرطِ المحبَّةِ تَدمَعُ
عيناكَ يا سلمانُ تحكي واقعًا
لغةُ العيونِ لدى مليكٍ ألمَعُ
عينٌ بكتْ مِنْ رحمةٍ بِحَجيجِنا
ولدى التّهاونِ ثَمَّ عينٌ تُفزِعُ
بإشارةٍ منكمْ يدوِّي صوتُها
منْ ذا يقاومُ إنْ أشارَ الأُصبُعُ؟!
- د. إبراهيم بن عبد الله الغانم السماعيل
DrIbrahimG@