رشيد بن عبد الرحمن الرشيد ">
في أرض المعارك وساحات الوغى وعلى حدودنا الغالية... هناك مصارع الأبطال وحماة الوطن.. وهناك تكتب الشهادة ويسطر الشرف والعزة.. أرض ترتوي بدماء زكية أبت إلا أن ترفع راية الحق خفاقة.. هناك قصة الفداء والتضحية وحكاية الأكفان والأنفس الطاهرة.. كتب الله لها الرحمة والمغفرة.
هناك رجال خطفهم الموت ذلك الزائر الذي لا يعرف لغة الاستئذان.. أقدار مكتوبة وآجال محدودة.. لكنه موت من نوع آخر!! تفوح منه رائحة المسك وترجى فيه الشهادة.. هناك ربما تنتهي رحلة الحياة دفاعًا عن تراب الوطن.
اليوم لن أكتب رثاء شخص بعينه!! أو قريب باسمه!! لكن عزائي للوطن الغالي بفقد الأبطال أبنائه الشهداء كيان لا أعرف كيف أواسيه!! فالحدث جلل والمصاب كبير كيف لا؟ ونحن نودع كل يوم كوكبة من العسكريين أهدونا أغلى ما يملكون أرواحهم فاضت من أجلنا في حروب وقودها المال والرجال.. رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
في همة وحزم وعزم غادروا إلى الدار الآخرة.. تاركين الأهل والولد وكأني بهم قد كتبوا الوصية ورددوا الشهادة.. أصابتني الحيرة لا أعرف بأي لغة أكتب عنهم تناثرت الحروف وتزاحمت الكلمات كتزاحم أبطالنا في مقدمة ركب المعركة.. قلم حزين. ومشاعري مكلومة وعيني دامعة.. وفي اللسان غصة.. وبالقلب حرقة.. دعواتي لهم بالرحمة والغفران.. وأن يسكنهم ربهم فسيح الجنان.. و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} البقرة 156}.
إن قافلة الشهداء كانت وما زالت تحمل شعارًا كبيرًا عنوانه أمن البلاد خط أحمر.. غلف بالمحبة والإخلاص.. جنود وضباط منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.. عزائي لبلادي التي أنجبت هذه النماذج الصادقة.. وهي بحول الله ولادة لأمثالهم.
رحل شهداؤنا لكنهم تركوا وراءهم بيوت ثكالى ملئت بالعبرات وأطفالاً حملوا مشاعر اليتامى.. وفقدوا الراعي إلا رعاية الله.. أغلق أمامهم باب من أبواب الحنان.. أما أسرهم فعزاؤهم الفخر والاعتزاز.. أبطال رحلوا وهم يحملون وراءهم أحلامًا وردية.. وأماني وطموحات بناء بيت سعيد وأسرة عامرة.. وربما أعمال خيرية.. لكنهم أجلوها حتى يقدموا حق بلادهم أنعم وأكرم بهم من عظماء.
رحلوا ولهم حق علينا ولسان حالهم يقول دونكم بيوتنا وأولادنا لا تنسوهم فتشوا عنهم.. اقتربوا منهم اجعلوهم أبناء لكم.. واصلوهم بالبر والإحسان والعطف والحنان فهم أمانتنا لديكم.
هذه مشاعر فاضت من قلبي أنقلها إلى جميع القطاعات العسكرية، أقول لهم: الكرة في ملعبكم والقرار لديكم فأدعو إلى فتح إدارة باسم شهداء الوطن.. تكون مرآة تصورهم وتجسد بطولاتهم.. وتكون قلبًا حنونًا وبلسمًا شافيًا لذويهم.
أما مجتمعنا مجتمع التكافل الاجتماعي فمن باب الوفاء أن يطلق صندوق الشهداء مشاركة ومواساة لأسرهم ولا سيما من هم في حاجة إلى ذلك (ومن خلف غازيًا فقد غزا) وجميل بهذه المناسبة أن تتسابق شركاتنا وتبادر بنوكنا ومؤسساتنا المتنوعة في دعم هذا المشروع بجزء من أرباحها السنوية.. وإن رجال أعمالنا كما عهدناهم يسارعون للبذل والعطاء.. أما وزارة الشؤون الاجتماعية فهي من يدق الجرس ويحرك الفكرة ويدفع بها إلى الأمام ويحولها إلى ظاهرة محسوسة وواقع قائم.. بل أدعو إلى أبعد من ذلك وهو أحداث جمعية خيرية لشهداء الوطن.. إضافة إلى مساهمة الأندية الرياضية في تخصيص جزء يسير من عوائد المباريات المالية لصالح أسر الشهداء... لنشعرهم أن الكل يقف إلى جانبهم.. ولا نتركهم في بحر الحياة المتلاطم لا يعرفون الإبحار إلى مرافيء النجاة.
ختامًا.. لنعلم أن أمة الشهداء هم جزء من شعبنا السعودي سطروا ملامح بطولية وتضحيات جسيمة.. ساروا في نفق الموت حتى استشهدوا.. أمة ماتت لنبقى.. وضحت لنعيش.. ويجب ألا ننساهم.. ويكونون حاضرين في إعلامنا المرئي والمسموع والمكتوب وقبل هذا في قلوبنا ومشاعرنا وأفراحنا.. أمل أنهم ودعونا وهم راضون عنا.. وواجبنا أن نرضيهم لأننا أمة الإحسان والوفاء.
وإلى اللقاء.
- الرس