عبدالمحسن بن عبدالرحمن القاضي ">
جودة العرض بالوسائل الحديثة تستطيع إيصال الفكرة بأسرع طريقة!! ونحن نحتاج ذلك مع جيلٍ جديد وعصرٍ حديث يتشكّلُ فيه الفكر وتُصاغ به العقول وتُغزى الأفهام، والأُمة المنتصرة هي من تجيد عرض تأريخ علومها وتراثها وما مرّ بها لتستفيد منه في إصلاح واقعها ونهضة مستقبلها..!!.
خاطرة تذكرتها حين تشرفت قبل أيام بزيارةٍ للمسجد النبوي بدعوةٍ كريمةٍ من شركة سمايا القابضة التي نظمت معرض القرآن الكريم الدائم بجوار المسجد النبوي تحت إشراف وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.. وقد كان افتتاح المعرض حفلاً مُبهراً بحضور أمير منطقة المدينة المنورة سمو الأمير فيصل بن سلمان آل سعود ونخبة كريمة من المشائخ وثلة من المفكرين والمثقفين وأهالي المدينة بجميع أطيافهم!! الذين جمعهم حبَّ كتاب الله جل وعلا ولا غرابة..
لقد استطاعت شركة سمايا القابضة بما قدمته من عرض مرئي اختصار القرون الطويلة التي مرت بأمتنا الإسلامية لتعرِضَ لنا كيف اهتمت هذه الأمة بالقرآن وعرفت أثره وإيجابياته فأعطته كل اهتمامها منذ فجر تاريخ وحي الله للنبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء حين قال له جبريل: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} ثم كيف كُتبَ المصحفُ في الرقاعِ والأوراقِ وحُفظَ في الصدورِ والأفهام ليتطورَّ للتفسير والتدبُّرِ والقراءات المتنوعة.. واقتناءِ المصاحفِ والعنايةِ بكتابتِها بصورٍ جميلة ونماذج مخطوطة للمصاحفِ رائعة عبرَ تاريخ طويل يستعرضُه زائر المعرض ويتعرف عليه خلال دقائق من خلال جودة العرض وتقنيته الجميلة والمبهرة.. وبأصوات أولئك المندوبين للشرح بلغاتٍ متعددةٍ للزوار لبيان هذا التاريخ للقرآن وجماله وروعته ونسخه.. لقد رأيت بالمعرض نماذج للمصاحف كتبت باليد خلال ألف سنة مضت كل هؤلاء كتبوا المصاحف واقتنوها بصدورهم قبل خزائنهم ولاغرابة فإنه القرآن وحي الله من السماء إلى الأرض.
لكن تلك الجهود العظيمة عبر التاريخ التي رأيناها في المعرض في خدمة القرآن ليست غريبة على دين حفظ الله في كتابه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ويتجلى حفظ الله عبر ذلك الاهتمام بكتابته وعلمه وهي جهود عظيمة استمد منها الخلفاء والحكام والأمراء والمعلمون والعلماء علماً ودعوةً وشفاءً وبركة في خدمة هذا القرآن وتلاوته وكتابته وتفسيره وتدبُّره والاهتمام به كما تستنبط ذلك من خلال المعرض.
ترى بالمعرض أيضاً نسخاً مخطوطة للقرآن حسب تنوع القراءات والحروف والكتابة وتنوع الأحجام فهناك مصحف معروض يتجاوز وزنه 150 كغم وطوله وعرضه 2م×1.5م كتب بخط اليد كاملاً وبعضها على رق الغزال وغيره من مصحفٍ صغير وكبير ومزخرف ومُذهَّب كلُّها تثبت عناية تاريخية عظيمة لهذه الأمة بدستورها وكتاب وحيها..ومخطوطات للمصحف قيّمة بوركت مكتبة الملك عبدالعزيز ومكتبة الحرم بالمدينة أن حافظت عليها كما هي..
وتشرفنا بالمعرض أيضاً بلقاء الخطاط المبدع الأستاذ عثمان طه في ركنه وهو الذي تشرّفت يده بكتابة نسخ المصحف الحديثة التي طوّرتها المملكة العربية السعودية بطريقة رائعة وحمايةٍ من التحريف في مجمع الملك فهد لخدمة المصحف الشريف.. الذي قدّم للأمة خدمة عظيمةً بالعناية بالمصحف ونشره في أصقاع المعمورة لتتمّ هذه البلاد جهوداً تاريخية اعتنت بالقرآن.
كل هذا وأكثر في معرض القرآن الكريم الدائم بإذن الله للزوار بجوار المسجد النبوي الكريم فشكراً وزارة الشئون الإسلامية لهذا الاختيار الرائع وشكراً شركة سمايا القابضة لهذا الإبداع في العرض والصورة فبعد تنظيمها لمعرض «أسماء الله الحسنى» ثم معرض «محمد رسول الله».. جاء هذا المعرض للقرآن الكريم ليكون ثالث جواهركم المتلألئة علماً وتوحيداً وإيصالاً للفكرة بإبداع ينافس العروض العالمية ليوصل عظمة هذا الدين وإلى الأمام من مثل هذه المعارض والموضوعات التي نحتاجها اليوم لتُساهموا في النهضة وإيصال الفكرة عن ديننا الإسلامي بروعته وجماله لاسيما مع تشويهٍ يُراد له وبه ويمارس باسمه ويُرادُ إبرازه فتأتي مثل هذه العروض لتبيّن نقاءه وروعته.. وفقكم الله ونفع الله بالجهود ونفعنا الله بآيات كتابه ورفعنا الله بالقرآن وحفظه وزادنا قراءةً وتدبراً والحمد لله رب العالمين.
- إمام وخطيب جامع السلام بعنيزة