سهام المزيني ">
في زمنٍ تكالبت فيه الفتن واتسعت رقعتها وأصبحنا نراها ولا نعلم لها مستقر، ونعملها ونحن مشتبهون بها هل هي حلال أم حرام، بالرغم من معرفتنا في قرارة أنفسنا بحكمها الشرعي وكأننا نبحث لأنفسنا عن مخرجٍ لارتكابها، قلوبٌ منكرة فتجدها حائرة مشتبهة في الحرمة تحتاج فقط لمن يشعل لها القنديل لترى وتميز من عتمة هذه الفتن، قد لا نجد من يشعل لنا القنديل وهنا الطامة إن ظلت القلوب طريقها في هذه العتمة واعتادت ارتكاب المحرمات وأصبح كبيرها صغيراً في عينه ويجد فيها المتعة وتزينت في ناظريه الذنوب فاستباح لنفسه ماحرم الله دون أن يعظم حرمة مافعل بل ولا يبالي في صنيعه فيجاهر بمعصيته ولا يجد من يقدم له النصح ولقد وجدنا أنفسنا في هذا الزمن نعمل العكس فإذا رأينا المنكر وزينه الشيطان بأعيننا عملنا مثله وتناقلناه فكثر وعمّ وأصبح الغالب الأغلب من الناس يرتكبوه بدلا من أن نكفه ونستنكره ونسينا أن مهلكة الأمم السابقة كانت في أنهم لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه، نحن في زمن فتن قد قال عنها رسول الله عليه الصلاة والسلام في حديث له (بادروا بالأعمال الصالحة فستكون فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا يبيع دينه بعرض الدنيا).
طريقٌ مظلم نعبره ولابد من أن نشعل لأنفسنا القناديل ونشعلها لمن هم حولنا قبل فوات الآوان وقبل أن نفيق في عتمة لا نجد فيها من يحمل قنديلاً نشعل به فتيلنا، وإذا حل البلاء عمّ، ولله جنود السموات والأرض نخش أن تحل بنا عاقبته بسبب كثرة المعاصي والمحرمات التي استبيحت.
- أيها الرجل إذا دعتك نفسك إلى معصية وهوّنت عليك فعل الحرام فاشعل القنديل لنفسك وتذكر قوله عليه الصلاة والسلام (ماتركتُ بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) ونحن في زمن يعج بفتنهن في جميع قنوات التواصل وأصبح كلا الجنسين يتفاخر بأنه متفتح جرّاء تأثيرات خارجية، وقد قال عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم (اتقوا النساء فإنما كانت فتنة بني إسرائيل في النساء).
- أيتها المرأة إذا دعتك نفسك لمعصية أشعلي لها القنديل وتذكري قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ}.. فأنتِ فتنة الرجال كما أخبر عنها رسول الله وأنتِ باستطاعتك صون نفسك وحفظها من أن تكوني فتنة لغيرها فقد هذبك القرآن في كذا موضع كقوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} وأن استنكرت القرار في المنزل فأقلها العمل بقوله سبحانه {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} لما له من تأثير في نفس الرجل وهو مجرد قول فما بالك بصنيع النساء في هذا الزمن فقد تحملين على ظهرك وزرك ووزر من أغويتيته ووزر من تشبهت بصنيعك.
- فلنشعل لبعضنا القنديل لأننا في زمنٍ معتمٍ بالفتن قال تعالى: {فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} سورة المائدة.
* همسة في أذنك: اجعل قنديلك مشتعلاً باستمرار عند كل خطأ ترتكبه أو يرتكبه من هم حولك واحذر من أن يخمد يومًا فتُعتمُ حياتك، فلنطبقها إستراتيجية في الحياة حتى نحمي أنفسنا ومن نحب.
* همستي للجميع أقول فيها:
- أيها الزوج أشعل في حياتك القنديل قبل أن تبحث عن البديل، قدم النصح لزوجتك ولا تبخل به فقد تضيء لكما الحياة من جديد لا تدقق في صغار الأمور وخذ بجوهرها.
- أيتها الزوجة أشعلي لزوجك القنديل وتعاونوا على أن تكون حياتكما نورٌ على نورٌ فالحياة الزوجية شراكة كلما انطفأ فيها قنديل أحدكما فليشعله الآخر له.
- أيها الشاب الصغير في السن إن رأيت من هم أكبر منك على خطأ فلا تبخل في أن تشعل له القنديل فلا عيب في ذلك كلنا خطاؤون والخطأ والصواب لا يبرره السن، فالحياة تجارب قد تكون أصغر سنًا وأكبر تجربة.
قدموا النصح لمن تحبون فكل منا يمتلك قنديلاً بداخله يستمده من إيمانه بالله، يشعله لنفسه تارة وتارة لمن يحتاج أن يُشعل له فتيل قنديله، وثق أنك ستمتلك سعادة الدنيا كلها عندما تقدم المساعدة للآخرين وتعيش قرير العين هانئ النفس.
فلنحافظ على اشتعال قناديلنا ونرى فيها عتمة الطريق ونتقي في الآخرة من عذاب الحريق.
دمتم بقنديلٍ يضيء لكم ولمن حولكم عتمات الحياة.