د. عبدالله بن محمد الطريقي ">
الماء ثروة عظيمة، ربح من كان مخزونه منه كبيراً، وخسر من كان مخزونه منه قليلاً، ومخزون بلادنا منه مهدّد بالاضمحلال، وقد سمعنا كثيراً صراخ وزير المياه - وفّقه الله- حول ضرورة الاقتصاد وعدم الإسراف فيما وصل إلينا من الماء الذي قد بذلت الدولة من أجله الغالي والنفيس، لذا تقوم شركة المياه الوطنية ومصالح المياه بمتابعة من لم يحافظ على هذه الثروة الغالية، وإيقاع غرامة على من لم يحسن التصرف في الماء وذلك بخروج شيء من الماء خارج المنزل، ولكن ماذا حصل، وما كان موقف المواطن من الاستجابة للمحافظة على الماء؟ هنا بداية المشكلة، فكثير من الملاَّك والمستأجرين من المواطنين والمقيمين يتهربون عن إيقاع هذه الغرامة، فيهتمون بتصريف ماء جميع البيت من سطوح وأحواش يقومون بتصريفه على مجرى الصرف الصحي وذلك سهل جداً، حيث يضع مشبكاً من حديد غير قابل للصدأ ويكون منخفضاً قليلاً عند مخرج الماء عند الباب، وبهذا يتحول جميع الماء الخارج من البيت إلى الصرف الصحي داخل البيت في أقرب غرفة للصرف داخل المنزل، وبهذا التصرف تنتهي المشكلة - أعني دفع الغرامة - عند هذا النوع من البشر، وفي هذا ضرر عظيم من وجهين.
الوجه الأول: الإسراف في تبذير الماء - وهو ثروة عظيمة- بحيث يقوم صاحب هذا المنزل بغسل البيت أو يقوم بتكليف من يقوم بغسله من عاملة أو عامل أو سائق وذلك كل وقت، ليلاً ونهاراً، صباحاً ومساءً، أيام العمل وأيام الإجازات الأسبوعية لا رقيب عليه في نظره، المهم لدى هذا النوع من البشر هو الغرامة وقد سلم منها. أما الثروة الضائعة فلا مقام لها عنده بوجه من الوجوه.
والوجه الثاني: وهو لا يقل خطراً عن سابقه، وذلك أنه حين تهبط الأمطار فإن مياه السطوح والأفنية - وتشكل ما يقرب من 70% من مسطحات المخططات- سوف تنحدر إلى مجرى الصرف الصحي، وهل يستوعبها؟ أكيد لا يستوعب هذا الماء العظيم، وإنما يستوعب تصريف دورات المياه والمطابخ وغسيل الثياب ونحوها، أما السيول فلها مصارف خاصة عظيمة على قدر حجم السيول، وعلى هذا فإن مجاري الصرف الصحي لا تستوعب هذا الكم العظيم من الماء، فماذا يحدث إذن؟
سوف يخرج ماء الصرف الصحي في أقرب بيت منخفض، ويكون الماء داخلاً بدل أن يكون خارجاً، وقد حصل هذا ووقع عندما زادت السيول خرج ماء الصرف الصحي في ملحق بيت منخفض في أحد الشوارع، وكان هذا قبل انتشار الظاهرة المشار إليها، وهي خطيرة، فهل نفكر في الحل لهذه المشكلة قبل وقوع الكارثة وقبل فوات الأوان؟