حصة علي الغامدي ">
استحوذ ويستحوذ التلفاز على اهتمام وشغف جميع الأشخاص باختلاف أعمارهم وثقافتهم ومستواهم التعليمي, باعتباره أحد مصادر المعلومة إلى جانب كونه أحد مصادر الترفيه. ولعل تأثيره على الطفل تأثيرا قوياً وملحوظاً. ولا أحد ينكر مدى اهتمام أطفالنا به وجلوسهم أمامه لأوقات طويلة، حتى باتت هذه الشاشة مساهمة - بشكل ما - في عملية تربية الطفل وتنشئته وإكسابه معلومات ومهارات مختلفة. وتحمل عملية الاتصال بمحاورها الرئيسية من «مرسل, المستقبل, الرسالة, وقنوات الاتصال, والمؤثرات» عناصر إذا أُعدت ووُجهت بالشكل المطلوب، ستعمل على إحداث استثارة للمشاهد والمتلقي في مختلف المجالات سواء كانت الدينية, التربوية, الفكاهية, التعليمية, الدرامية. كما أنها تعد نافذة مفتوحة للعالم بالنسبة للطفل بما تحمله من مؤثرات سمعية وبصرية و حسية، لذلك كان ولابد من إغلاق هذه النافذة لفترات معينة ولبرامج محددة لاختلافها بين (المقبول, والمرفوض, المرغوب, المألوف). وقد اختلف العلماء في آرائهم بين مؤيد ومعارض في مدى التأثير الذي يحدثه التلفاز على الطفل سلبياً أو إيجابياً، حيث يمكن تلخيص بعض الإيجابيات في هذه النقاط:
« زيادة المعرفة عند الطفل من خلال مشاهدة البرامج العلمية الموجهة للطفل.
« تنمية روح البحث والاكتشاف عند الطفل.
« استمتاع الطفل أثناء المشاهدة وإدخال الفرح والسرور إليه.
« تنمية بعض المظاهر الاجتماعية المرغوبة.
« ترسيخ بعض قيم ومبادئ الهادفة بالمجتمع.
« إعطاء الطفل مجال للتأمل وسعة الخيال.
« وسيلة من وسائل إثراء الجانب اللغوي عند الطفل.
ولعل هذه الإيجابيات لا يمكن أن تحدث إلا بشروط منها:
« إذا قننت القنوات واختير الصالح منها ليسمح للطفل بمشاهدتها.
« تحديد الأوقات التي يشاهد فيها الطفل التلفاز بحيث يتخللها بعض الأنشطة الحركية.
« فصل وقت مشاهدة التلفاز عن تناول الطعام أو وقت الاستذكار.
« مشاركة الطفل في مشاهدة بعض البرامج من قبل أحد الوالدين وإجراء نوع من حوار ومناقشة.
« تعويد الطفل على التفكير الناقد وانتقاء البرامج التي تتوافق مع تعاليمنا ومبادئنا .
أما إذا غابت الرقابة والتوجيه من أحد الوالدين أصبح هذا التلفاز وسيلة دمار على تفكير وصحة الطفل ويحتوي على العديد من السلبيات منها:
« مكوث الطفل لوقت طويل أمام التلفاز يسبب بعض الأمراض الخطيرة كالسكري, السمنة، نتيجة قلة الحركة.
« انحراف بعض القيم والمبادئ عن مسارها نتيجة البرامج التي تتعارض مع القيم الدينية والأخلاقية.
« تقلص من فرص الطفل في المشاركة والتجاوب مع المحيطين حولة من إخوته, وأصدقائه وأقاربه.
كما أثبتت كثير من الدراسات العلمية مدى تأثير بعض البرامج «مثل المصارعة الحرة» والأفلام الكرتونية التي تحوي مشاهد عنيفة على جعل الطفل أكثر عدوانية مع المحيطين من حوله سواء كانت هذا العنف «لفظي أو جسدي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة». ويتوجب من صانعي برامج الأطفال أن تصمم هذه البرامج لتناسب الطفل لكي ينشأ بشكل صحيح بحيث تتبع أهداف وسياسيات تربوية سامية تنبثق من أساس أخلاقي وقيمي ,يستطيع الطفل فهمها والتكيف معها ثم محاكاتها وتثير دافعية عند الطفل في عملية التربية والتعليم, تحترم الإنسانية والمبادئ الاسلامية وعلى سبيل العموم و ليس الحصر «كمساعدة الغير, العطف على الصغير, احترام الكبير» تكثيف البرامج التي تساهم في غرس النواحي الدينية « كيفية الوضوء والصلاة, قصص الأنبياء والتابعين» أو البرامج التي يستنتج منها الطفل الطريقة العلمية في التفكير, أسلوب حل المشكلات ووضع الحلول « والاهتمام بالبرامج الفكاهية الهادفة التي تسعد الطفل وتدعم بعض المبادئ كالمحافظة على البيئة».
وأخيراً لعل التلفاز هو سلاح ذو حدين بالكم الهائل الكثيف والمنوع للقنوات والبرامج المقدمة للطفل، وتتوقف استفادة الطفل منها إيجاباً أو سلباً بالدور الكبير الذي يلعبه الوالدان في عملية مراقبة ونصح وتوجيه الطفل واعتبارها أمانة محاسبين عليها أمام الله وتوفير المناخ المناسب والملائم والهادف لبناء جيل واعي لثقافة وقيم المجتمع الذي ينتمي إليه. وكما قال ابن القيم رحمه الله: «فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه, وتركه سدا فقد أساء غاية الإساءة, وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه, فأضاعوهم صغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم, ولم ينفعوا آباءهم كباراً».
- باحث علمي بجامعة الملك سعود