شأن خارجي والحل بمرونة التفاوض
حمد بن عبدالله القاضي ">
** أزمة العمالة منذ سنوات وهي حديث أكثر الناس، والعادة أن المشكلات تبدأ كبيرة ثم تصغر بخلاف هذه الأزمة فهي تزيد وتشتعل.
** الإشكالية واضحة وهي: نقص العرض وزيادة الطلب.
هذا السبب وراء كل ما حدث من ارتفاع أسعار العمالة، سواء في تكلفة الاستقدام أو أجرها الشهري أو مبلغ التنازل عن كفالتها إذا وجدت. ونقص العرض هو سبب في «السوق السوداء» التي يصل فيها الأجر إلى مبالغ تصل إلى أربعة وخمسة آلاف ريال، وبعض الأسر تضطر إلى ذلك اضطراراً. وأخيراً: نقص العمالة هو السبب الأول في ازدياد الهروب، لأن السوق بحاجة إليها، والهارب أو الهاربة يجدان أضعاف ما يجدانه عند المستقدم الأول.
* * *
** سبب الأزمة خارجي:
من هنا فإن أزمة هذه العمالة ليست شأناً داخلياً بل سببها هو: الدول المستقدَم منها، فهي لا ترغب بقدوم عمالتها للعمل في المنازل، وفي مقدمتها إندونيسيا «الممتنعة» حتى الآن عن إرسال عمالتها المنزلية رغم توقيع الاتفاقية معها، «والفلبين» التي وافقت فعلاً ثم نكصت وبدأت تعطي التأشيرات بعدد أصابع اليد الواحدة مما لا يكفي حياً من أحياء الرياض أو جدة أو الدمام.
* * *
** وزارة العمل والمواطن ودورهما:
لقد كنت من الذين لاموا وزارة العمل، ولكن والله الآن لا أحسدها، فالأمر ليس بيدها بل هو لدى الدول المستقدَم منها، وهي تعقد الاتفاقيات ولكن لا تلتزم بها دول العمالة.
بعضنا ما زال يطالب بالتشدد ببعض الشروط التي يرى أن تفرض على الدول، كتحديد رواتب بـ(800) ريال.. إلخ، وهذا المطلب وغيره منطقي عندما كانت الدول تتسابق لإرسال عمالتها، أما الآن فنحن نطلب وهم يرفضون، إن بعض الناس يطالب بـ(800) ريال وهو يرى الآن أن الشغالة تصل أجرتها بالشهر إلى (5000) ريال، ويصل نقل كفالتها إلى خمسين ألف ريال! هذه الشروط وأكثر منها مقبولة عندما كانت العمالة تصل بالآلاف، أما الآن فقد أصبحت كالكبريت الأحمر ندرة.
* * *
** وضوح المشكلة وصعوبة الحل:
إن نقص العرض بسبب دول العمالة هو أبو الأزمة وأمها وخالها وعمّها، لكن الغريب أنه رغم وضوح المشكلة فإن العسير هو الحل، فهو ليس شأناً داخلياً يمكن أن يتم بتوفير البنود أو يأتي بقرار من الوزير أو حتى يتحقق بقرار من الحكومة السعودية!
* * *
** إعادة ومرونة المفاوضات مع دول الاستقدام:
إنني أقترح أن تعيد وزارة العمل مفاوضاتها مع هذه الدول، وأن نقلِّص نحن المواطنين من سقف مطالبنا، لأنه لا خيار إلا الأزمة وشحها وخيالية أجورها الشهرية أربعة وخمسة آلاف ريال وازدياد هروبها، ثم ثالثاً وصول تكاليف نقل كفالتها -إذا توفرت- إلى مبالغ كبيرة جداً!!
من هنا أدعو إلى التفاوض المرن بعد أن تفاقمت، فالعمالة لكثير من الأسر لم تعد ترفاً بل أصبحت ضرورة وأي ضرورة.
* * *
** المرأة ومشاركتها بالتفاوض:
ولو كان لي من الأمر شيء لجعلت المرأة عضواً في مفاوضات العمالة، فهي الأكثر اضطراراً لها، وهي الأكثر معرفة بحلولها، وقد سبق أن طرحت هذا المقترح في برنامج تلفزيوني.
أزمة العمالة -باختصار- بحاجة إلى حل جراحي يتوجه إلى سببها الرئيس بالخارج وليس داخل بلادنا أو بيوتنا.