رئيس التحرير: استطاعت المملكة وبنجاح استعادة اليمن للعروبة مرة أخرى بإعلان الملك سلمان لعاصفة الحزم ">
الجزيرة - المحليات:
قام وفد من منسوبي وملاحق ومتدربي معهد الدراسات الدبلوماسية مكوّن من أربعة وعشرين دبلوماسياً بزيارة خاصة لمقر صحيفة الجزيرة برئاسة الدكتور فهد المليكي أستاذ مادة العلاقات الدولية والمشرف على إدارة التعاون الدولي في المعهد، حيث استقبلهم رئيس التحرير الأستاذ خالد بن حمد المالك.
في بداية اللقاء تم عرض فيلم وثائقي يستعرض أبرز مراحل التطوير الكائنة في مؤسسة الجزيرة، وذلك من خلال أحدث الوسائل التقنية، تضمن في البداية عرضاً عن المطبعة الحديثة للصحيفة والتي تمتلك وسائل مبتكرة ومتفردة في عرض الخبر وتصميم الإعلان، إضافة إلى النوافذ الجديدة صحفياً والتي صممت بعناية للوصول لكافة أطياف المجتمع، كما تم عرض للمراكز المتقدمة التي حققتها الصحيفة خلال السنوات الماضية، وتطرق الفيلم الوثائقي كذلك إلى الدور الذي تلعبه الصحيفة في مجال الشراكة الاجتماعية من خلال اتفاقياتها المبرمة مع مختلف مؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسها الجامعات السعودية، حيث إن للجزيرة أكثر من عشرة كراسي بحث بمختلف الجامعات السعودية منطلقاً من إيمانها بضرورة الاتصال مع فئة الشباب والشابات وهم الغالبية العظمى من سكان المملكة.
بعد ذلك ألقى رئيس التحرير كلمة رحب فيها بالوفد معبراً عن سروره بلقائهم مقدراً زيارتهم للصحيفة وآملاً أن يجدوا في هذا اللقاء أجوبة عن تساؤلاتهم المتصلة بتخصصاتهم والمهام التي سيكلفون بها مستقبلاً، وفي الجانب الإعلامي والصحفي بشكل خاص على المستوى المحلي والدولي، مشيداً بتوجه الشباب للعمل في الحقل الدبلوماسي والذي من خلال تعاونه مع وسائل الإعلام سيبرز الصورة الحسنة والإيجابية للمملكة العربية السعودية، ويساهم في تقديم يد المساعدة والعون للمواطنين السعوديين خارج المملكة، تلا ذلك كلمة للدكتور فهد المليكي في المعهد عبّر فيها عن شكره لسعادة رئيس التحرير وللجزيرة على إتاحة الفرصة لمنسوبي المعهد والدارسين فيه بزيارة الصحيفة، وعقد حلقة النقاش هذه ليطرح الدارسون تساؤلاتهم واستفساراتهم المتعلقة بمهنة الصحافة وما يندرج تحتها من فروع كالإعلام الجديد والإعلام التفاعلي، مجدداً شكره للجزيرة لاستضافتها وعقدها لهذا اللقاء المثمر إن شاء الله والمفيد للجميع، ومن ثم سرد رئيس التحرير ملخصاً لتاريخ الصحافة السعودية والتي بدأت باجتهادات فردية من بعض المثقفين آنذاك، وكانت الصحف فيها مملوكة للأفراد وبعد ذلك صدر نظام ما يسمّى بنظام المؤسسات الصحفية والتي انتقلت فيه ملكية الصحافة من صحافة الأفراد إلى صحافة المؤسسات كما هي عليه اليوم، والذي طرأ عليه العديد من التغييرات والاستحداثات خلال الخمسين سنة الماضية، وسمح النظام للمؤسسات بإصدار أكثر من صحيفة أو مجلة بناءً على رغبة المؤسسة، ومجاراة مع التحديث المستمر للصحافة والذي أوجد مؤخراً الإعلام الجديد، فقد سارعت الصحف إلى استحداث أقسام فيها معنية بالإعلام الجديد، وذلك بالتزامن مع التزامها برفع مستوى الجودة في الصحافة الورقية، مؤكداً أن الصحافة الورقية ما زالت تحقق نجاحات كبيرة مستشهداً بمداخيل الإعلانات للمؤسسات الربحية التي تمثل نصف صحف المملكة، كما تطرق إلى الكادر الصحفي بصحيفة الجزيرة والذي يشغله السعوديون بأكمله، حيث يقتصر عمل غير السعوديين في الصحيفة على الأقسام الطباعية والفنية التي تقل فيها الأيدي العاملة السعودية، مشيراً إلى أن الصحيفة على تواصل مع معاهد التدريب المهني والفني لتزويدها بالكفاءات السعودية في هذه المجالات، والتي يظل عدد خريجيها صغيراً نسبياً مقارنة بحجم الطلب عليها، كما تحدث رئيس التحرير كذلك عن حجم المسؤولية الملقاة على الإعلامبشقيه الأهلي والحكومي بشكل عام، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها المملكة كباقي دول المنطقة حالياً، سواء كانت أمنية أو اقتصادية وسياسية، وعليه تقوم وسائل الإعلام بمساعدة الدولة في توجهها والذي له بعده العقلاني والمنطقي في مواجهة مثل هذه الأزمات، بعد ذلك فتح المجال للأسئلة والتعليقات.
مستوى حرية الصحافة بالمملكة
ففي البداية تساءل المتدرب محمد المجماج عن صحة التقارير الدولية الزاعمة بانخفاض مستوى حرية الصحافة بالمملكة، حيث بيّن رئيس التحرير أن موضوع حرية الصحافة موضوع متشعب ونسبي، ولو نظرنا للصحف السعودية دون استثناء لوجدنا أنها مليئة بالنقد الموجّه للوزارات والدوائر الحكومية، وسنجد من النقد الشيء الكثير حتى أنه يخرج أحياناً عن الموضوعية نتيجة الشعور بالإحباط لعدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع ما يوجه لها من انتقادات، وأضاف: دعنا نلقي نظرة على الصحافة العالمية والتي تدّعي أنها تمارس حرية القول وهو أمر غير صحيح، فنحن نرى الانحياز الكبير للصحافة الغربية والأمريكية لإسرائيل على سبيل المثال في قضية فلسطين أو مع قضايا المنطقة الأخرى في العراق أو سوريا، فالإعلام الروسي مثلاً في القضية السورية هو مؤيد لموقف الدولة الروسية، والولايات المتحدة الأمريكية بذاتها أيد الإعلام فيها اتفاقية المفاعل النووي الإيراني، بل إن الكونجرس الذي كان يعوّل عليه بالرفض أيد موقف الرئيس كذلك، فأين هي الحرية المزعومة، فحرية الصحافة في العالم تعتمد على اجتهادات ومصالح وعلى تناغم مع أجندة منظمات وهيئات، وبالتالي لا ينبغي علينا الالتفات إلى التقارير المقللة من حرية الصحافة بالمملكة، ولذا فنحن لدينا حرية ولكنها حرية منضبطة يحرص المسؤولون فيها بأن تكون في مصلحة الوطن.
محدودية الإعلاميين السعوديين المدافعين عن المملكة في المنابر الدولية
ومن جهته تساءل المتدرب ماجد الفريح عن سبب قلة الإعلاميين بين السعوديين الذين يخرجون في وسائل الإعلام الأجنبية للدفاع عن مواقف المملكة، حيث أيد رئيس التحرير السائل، مشيراً إلى أن هناك عدداً ولكنه ليس كبيراً من الإعلاميين بين السعوديين لهم حضورهم في وسائل الإعلام الأجنبية، لأخذ آرائهم وتحليلاتهم للمشهد السياسي ويتحدثون اللغة الإنجليزية بطلاقة، واضعاً تسمية اختيار الإعلاميين بين المؤهلين لنقل الصورة الصحيحة عن المملكة على وزارة الثقافة والإعلام، وكذلك وزارة الخارجية، بأن يقدموا المؤهلين من القدرات في مختلف التخصصات إلى تلك القنوات الأجنبية، ونحن بالفعل لدينا قصور في هذا الجانب بالرغم من توفر العديد من الكفاءات، وهنا أضاف كذلك الأستاذ عبدالوهاب القحطاني نائب رئيس التحرير، أنه ينبغي على الدبلوماسي السعودي تكوين حلقة وصل مع المثقفين والإعلاميين بين السعوديين، فلربما يكون أحد منكم حلقة وصل بينهم وبين وسائل الإعلام في تلك الدولة بحيث يعمل على تقديم النخب السعودية كلٌ في مجاله.
تأثير صحيفة الجزيرة على الرأي الغربي
وحول تأثير صحيفة الجزيرة على الرأي الغربي والأمريكي، تساءل عبدالله صبر عن مدى حجم مثل هذا التأثير، وفي هذا الشأن أوضح رئيس التحرير أن للصحف السعودية تأثيراً مؤكداً، فمن المعروف أن سفارات الدول تبحث عن كل ما يخصها مما يُنشر في وسائل الإعلام المحلية وتحلله وتدرسه، ومن ثم تبعث به لوزارة خارجيتها، ومع وجود التقنية الحديثة بات ذلك أسهل بكثير، أما عن مدى التأثير فإنه يعتمد في الحقيقة على عدد من العوامل يأتي بمقدمتها الموضوع المطروح والدولة المعنية.
دور الصحافة في خدمة السياسة السعودية
وتساءل المتدرب عبدالله آل الشيخ عن الدور الذي تقوم به الصحف السعودية لخدمة السياسة الخارجية للمملكة، فأكد رئيس التحرير أن الإعلام السعودي بشكل عام يقوم على خدمة الدولة وسياساتها، فكما أن جنودنا يحاربون دفاعاً عنها فإنّ الصحفيين كذلك يحاربون إعلامياً لخدمتها، وإن كل ما ينشر ويطرح في الصحافة السعودية إنما هو في الأخير يلبي توجُّه الدولة وسياساتها وهو واجب وطني علينا كصحفيين.
دور الصحافة بين نقل الواقع
والمشاركة في التغيير
أما المتدرب ناصر الثويني فتساءل عن دور الصحفي إن كان منحصراً في نقل الواقع أم يتعداه إلى تغييره، وقد علق رئيس التحرير بأنّ عمل الصحفي يشمل نقل الحقيقة بأمانة وصدق وكذلك فهو مع التغيير الإيجابي، وأن النقد الموجود الآن في الصحف الهدف منه هو النقد الإيجابي وليس السلبي أو التنظيري، والأهم أن ينبع فكر التغيير من محاور إيجابية، وبشكل عام فالتغيير الإيجابي هو الغالب في المملكة، ولو تمت المقارنة بين الماضي والآن لوجدنا أن حجم التغيير والتطوير الإيجابي كبير، وذلك بسبب التوظيف الجيد لموارد الدولة، وطبيعة نظرة الدولة نحو الارتقاء للأفضل وحضور الصحافة بالمتابعة والنقد وعرض مقترحات المواطنين.
الأولوية بين الربحية أو المصداقية
كذلك طرح المتدرب نايف بن حثلين سؤالاً عن: ما الأولوية بالنسبة للصحف هل هي الربحية أم المصداقية، فبيّن رئيس التحرير أن الصحيفة تحرص على الاثنين مع الالتزام بسياسة الصحيفة في المحافظة على المصداقية والموضوعية، والالتزام بتحقيق مراكز متقدمة في الانتشار والتوزيع والربحية في إطار الضوابط المهنية.
عاصفة الحزم
وفي تساؤل حول عملية عاصفة الحزم وأثرها على المملكة والمنطقة، أوضح رئيس التحرير أن المملكة حريصة على أمن واستقرار مواطنيها وبلدها ودول المنطقة، وأنها دأبت على اتخاذ جميع الإجراءات والتدابير بحزم على كل ما يهدد أمن المملكة ودول الخليج، فقد استطاعت المملكة وبنجاح من استعادة اليمن للعروبة مرة أخرى بإعلان الملك سلمان للعملية العسكرية عاصفة الحزم، والتي أزالت خطر الحوثيين وتهديدهم لليمن أولاً وللمملكة ودول الخليج والمنطقة كاملة، مؤكداً أن هذه العملية الاستباقية أربكت خطط أعداء المملكة وحفظت الأمن والسلم للمنطقة بأسرها.
موارد الدخل للصحف
وحول مصادر الدخل للصحف وهل هي معتمدة على الإعلانات فقط، وجّه المتدرب عبدالله السعدي استفساره، وحول هذه النقطة أفاد الأستاذ خالد المالك بأنه في حال اعتمدت الصحيفة على مبيعات الاشتراكات الفردية والحكومية وعلى ما يطرح في منافذ البيع، فإن ذلك لن يسد تكلفة الورق المطبوع عليها، ولكن الاعتماد الأساسي هو على كمية الإعلانات، حيث إن الصحف لا تتلقى دعماً مادياً من الدولة أو من أي جهة أخرى، بل إنها تعتمد على الإعلانات بشكل أساسي، وصحفية الجزيرة تحقق أرباحاً سنوية توازي رأس مالها يوزع منه نسبة على المساهمين، ويستثمر جزء منه في تطوير وتحديث الصحيفة، وفي المستقبل القريب ستخرج الجزيرة بشكل جديد مدعومة بتقنية طباعة ذات جودة عالية ومبتكرة حتى في مجال الإعلان.
مستقبل الصحافة الورقية في المملكة
المتدرب ماجد بن ربيعان تساءل عن مستقبل الصحافة الورقية وهل ستنقل الجزيرة تقنيتها إلى الطابع الإلكتروني وتوقف الورقي، وهنا أشار رئيس التحرير إلى أنه يصعب التنبؤ بموت الصحافة الورقية إن صحّ هذا التعبير، حيث يتبيّن لي من خلال حضوري المتكرر للمؤتمرات والمنتديات العالمية المتخصصة كايفرا، أجد أن النظريات والتحليلات حول موت الصحافة الورقية وتسيّد الإلكترونية تتغير بين مؤتمر لآخر، ومع كل عام تطرح معلومة أو نظرية تناقض سابقتها، ولكن من وجهة نظر شخصية أعتقد أن الصحافة الورقية ما زالت قوية ومتماسكة في المملكة، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة تطور الصحافة الإلكترونية استعداداً للزمن الذي تكون فيه الصحافة الإلكترونية هي سيدة الموقف، علماً بأن الإعلام الجديد له تأثير كبير في الوقت الحالي، ولكننا لا نستطيع أن نطلق مسمّى صحيفة إلكترونية على ما هو موجود إلا على عدد محدود من الصحف بالمملكة.
تفاعل الجزيرة مع قضية العائلة
السعودية بتركيا
كما سأل المتدرب سعود الصانع عن تفاعل صحيفة الجزيرة إعلامياً مع قضية ضرب عائلة سعودية بمطار اسطنبول وكيف كانت متابعتها وتغطيتها للحدث، وهنا بيّن رئيس التحرير أنه كان هناك قصور في تغطية ذلك الحدث، رغم أنّ الجزيرة نشرت سبع مواد كنوع من المتابعة لهذا الحدث رغم شح المعلومات، حيث لم يصدر من السفارة السعودية بإسطنبول في حينه تصريح حيال تلك الحادثة، مما جعل المصدر الوحيد آنذاك هي معلومات محدودة، وأنا هنا لا أبرر بكلامي هذا، إنما أشير إلى أن غياب المصدر الرسمي لم يساعد على تدفق المعلومات كي تتوسع في النشر عنها.
وفي ختام اللقاء جدد رئيس التحرير الأستاذ خالد بن حمد المالك شكره للوفد، متمنياً لهم دوام التوفيق والنجاح في مهامهم المستقبلية. حضر اللقاء الدكتور فهد المليكي أستاذ مادة العلاقات الدولية المشرف على إدارة التعاون الدولي بالمعهد الدبلوماسي، وكلٌ من الزملاء عبدالوهاب القحطاني نائب رئيس التحرير، والدكتور عبدالله أباالجيش مستشار رئيس التحرير، وكذلك الأستاذ ماجد الخضير مدير العلاقات العامة بمعهد الدراسات الدبلوماسية، وعدد من الطلبة المتدربين لمادة الإعلام الدولي في معهد الدراسات الدبلوماسية.