1.9 مليار ريال صفقات البيوت الشعبية بالرياض حتى الربع الثالث من 2015 ">
الجزيرة - علي القحطاني:
سجّل النشاط العقاري في الأحياء الشعبية في وسط أغلب المدن الكبرى حركة نشاطه من نوع خاص، حيث تمثل ذلك في زيادة الصفقات خلال العام الحالي مقارنة بالعام الماضي من خلال إقبال صغار المستثمرين لشراء المنازل القديمة وهدمها لبناء مشروعات متنوعة ما بين أدوار وشقق للإيجار.
ففي مدينة الرياض حققت الصفقات العقارية على البيوت الشعبية خلال العام الحالي وحتى نهاية الربع الثالث أكثر من 1.9 مليار ريال مقارنة بـ129 مليون ريال خلال نفس الفترة من العام الماضي وهذا يأتي بسبب شروع عدد من المستثمرين العقاريين إلى التوجه لوسط المدينة بعكس ما كان هناك توجه لشمالها وشرقها وغربها, حيث تركز هذا التوجه في الأحياء القديمة مثل منفوحة، الديرة، معكال، السلام، اليمامة وغبيره والعود والشميسي حيث ساهمت مجموعة من المحفزات في الاستثمار العقاري وخاصة في بناء الشقق السكنية وأدوار سكنية على أرض كان مبني عليها منزل شعبي.
وهناك فريق عمل من مجموعة من العقاريين للتحرك لمخاطبة وزارة الإسكان من أجل تطوير الأحياء القديمة من خلال دعواتهم للجهات الحكومية ذات العلاقة بنزع ملكيات الأحياء القديمة، من أجل إعادة تأهيلها لأن في تطوير تلك الأحياء حل للأزمة الإسكانية التي تعاني منها الرياض، حيث إن تلك الأحياء تتميز بتوفر الخدمات من مياه وكهرباء وصرف صحي، كما أن في تطويرها إعادة لتأهيل تلك الأحياء والحفاظ على وظيفتها السكنية، مما ينتج عنه عودة السكان لتلك الأحياء، وبالتالي ستخف حدة أزمة السكن ويتناقص الطلب على المساكن الجديدة، كما أن تطوير تلك الأحياء سوف يكون عموديا مما يخلق نوعا من التجانس بين السكن مع توفر كافة الخدمات المطلوبة كما هو حاصل في إسكان المعذر.
هذا وقد دعا متخصصون في الشأن العقاري من وزارة الإسكان للنظر في استغلال الأحياء القديمة من خلال نزع ملكياتها وإعادة تأهيلها لتوطين مشاريع سكنية وتجارية، مؤكدين أن المواصلة في إعادة تأهيل الأحياء الشعبية سوف يعيد التوازن للسوق الإسكاني التي تعاني منه أغلب المدن الكبرى في المملكة.
وشددوا على ضرورة سرعة معالجة وضع تلك الأحياء السكنية وخاصة الواقعة وسط الرياض من أجل المحافظة على وظيفتها وعودة السكان إليها وإيقاف هجرة الأسر إلى الضواحي والأحياء الحديثة التي تفتقر إلى الكثير من الخدمات المطلوبة.
من جهته قال علي فوزان الفوزان مستثمر عقاري إن المتابع للأحياء الشعبية الموجودة في وسط الرياض يرى أن هناك حلول للأزمة الإسكانية والتي تعاني منها العاصمة، حيث إن أبرز مزايا تلك الأحياء الشعبية هو توافر كافة الخدمات الأساسية والبنى التحتية التي تجعل من فرص السكن فيها خيارا مفضلا لدى الكثير من الأسر المحتاجة، ومعللاً السبب أنها ذات خدمات متكاملة، وفي الغالب أن جميع الطرق السريعة قريبة منها، ولا تحتاج إلا إلى إعادة بناء من خلال تطوير يأخذ باحتياجات المواطنين والمقيمين، خاصة أنها تتوسط العاصمة وتجد بعض الاهتمام من بعض المطورين العقاريين، فضلا عن توافر البيئة الإنسانية لتكوين العلاقات الطبيعية بين سكان الأحياء من دون تمييز تلك المنازل عن غيرها بما يحفظ لهم العيش في وضع مستقر لا يفرق بينهم وبين غيرهم من الساكنين، علاوة على ما سيضفي على الأحياء الشعبية من تطوير ملحوظ خاصة مع توافر معظم الخدمات الرئيسية من سفلتة وإنارة ومياه ومدارس ومستشفيات قد لا تتوافر حقيقة في الأحياء الجديدة إلا بعد سنوات طويلة من الصبر.
وطالب الفوزان من الجهات المعنية بأعمال التطوير في تلك الأحياء أن تتمّ وفقًا لخطط ودراسات تعمل على استيعاب حقوق ساكني تلك الأحياء بتجديد إنشاءاتها بأنظمة عصرية أو تعويضهم وترحيلهم وطرحها في مزادات تقدّم معها خطط بناء جاهزة سواء للأغراض السكنية أو التجارية والاستثمارية، مشيرين إلى أن أمانة منطقة الرياض بدأت بالفعل في هذا الاتجاه إلا أن عملها لا يزال بطيئًا ولا يواكب المستجدات التنموية.
من جانبه أكد عبدالعزيز العنقري مستثمر عقاري أن تطوير الأحياء القديمة والذي أصبح أمرًا ضروريًّا في ظل التطوُّر الذي تشهده وسط العاصمة التي يوجد بها عدد كبير من هذه الأحياء، ولكن نظرًا لشحّ الأراضي وضيق ذات اليد لساكني هذه الأحياء والذين لا يملكون بدائل فهناك ضرورة لتعويضهم بصورة مجزية للحصول على مقابل عن مساكنهم او تعويضهم بأخرى مناسبة، أو يمكن أن تدخل وزارة الإسكان طرفًا في الموضوع لتنسيق كيفية إسكانهم في مساكن بديلة، أو خدمة مساحات جديدة في النطاق العمراني من أجل أن تكون مؤهلة للبناء فيها لصالح هؤلاء.
وأضاف العنقري أن وسط العاصمة تضمُّ عددًا كبيرًا من الأحياء القديمة التي اكتسبت مع الوقت صفة العشوائية بعدم مواكبتها للتطوُّر الذي يحدث حولها من جهة، ومن جهة ثانية فإنها أصبحت مأوى لكثير من العمالة الوافدة، وإزالتها توفر مساحات من الأرضي، مبينا أن العائد على الاستثمار جعل العقارات في الأحياء الشعبية أكثر قبولا لدى فئة من صغار المستثمرين وبخاصة الذين لا يملكون رؤوس أموال كافية لخوض غمار الاستثمار بفاعلية أكبر في سوق الأراضي والعقارات في شمال وشرق الرياض.
بدوره قال صالح الأحمد مستثمر في تلك الأحياء إن وسط العاصمة خلال الفترة الحالية يشهد إقبالا من قبل بعض المستثمرين خاصة مع ارتفاع أسعار الأراضي والفلل في الشمال والشرق، أوجد حركة في الأحياء الشعبية رغبة في الاستثمار أو تدوير رأسمال لدى البعض منهم.
وذكر الأحمد أن وسط العاصمة يشهد عودة لرؤوس المال من بعض المستثمرين لشراء المنازل الشعبية سواء كانت من الطين أو الحجر لهدمها ومن ثم بناء شقق سكنية تحتوي على مجموعة من النماذج التي تلبي رغبة الساكنين في الحي، مبينا أن الأسعار تتراوح لمساحة 150 مترا مربعا ما بين 130 إلى 200 ألف ريال، بينما يباع الحجر نحو 90 إلى 230 ألف ريال لمساحة 200 ألف متر مربع وأقل، مرجعا الأسباب التي تدفع للشراء، هو وجود المردود المالي السريع سوى من خلال الشراء أو التأجير, حيث إن الإيجار يصل في بعض الأحياء إلى حوالي 15 في المائة مقارنة ما بين 8 - 10 في المائة في الشمال أو الشرق، كما أن توفر الخدمات بأنواعها، ورخص الأراضي والطلب المتزايد من قبل المستأجرين وقلة التكلفة في عملية التشطيب, حيث تتركز على فئة معينة من المستأجرين وقرب الدوائر الحكومية والمستشفيات منها، يزيد من أسعارها.
ودعت دراسة علمية عقارية بسرعة معالجة وضع الأحياء السكنية الواقعة وسط المدينة في سبيل الحفاظ على وظيفتها ورصيدها السكاني الأصلي وإيقاف استمرار هجرة الأسر السعودية إلى الضواحي والأحياء الحديثة، وبالتالي ستخف حدة أزمة السكن ويتناقص الطلب على المساكن الجديدة وهذا سيقود- بحسب الدراسة- إلى توفير الموارد (الأموال والأراضي) واستغلالها بشكل مثالي، كما سيحد من مشاكل التمدد الأفقي السريع للمدن السعودية. وقالت الدراسة والتي تحت عنوان «أسباب هجرة الأسر السعودية من أحياء وسط المدينة» قدمها المهندس علي بن محمد السواط من كلية العمارة والتخطيط في جامعة الملك سعود، إن أحياء وسط المدينة السعودية أصبحت بأوضاعها الراهنة طاردة للأسر السعودية، إذ يبدو أن هناك استمراراً للتفريغ السكاني من تلك الأحياء، فالمدينة تنمو بشكل متواصل وأنماط الحياة السائدة تتبدل وتتغير بطريقة تتزايد وتيرتها يوماً بعد يوم.
وفي ظل هذا الوضع تتواصل هجرة السكان الأصليين من أحيائهم الواقعة وسط المدينة والأحياء المحيطة بها إلى الأحياء الجديدة الواقعة في الضواحي وأطراف المدينة. ونتيجة لذلك يبدأ التدهور في بعض أحياء وسط المدينة فتتهالك مبانيها ومرافقها وخدماتها، ويكون ذلك مصحوب بأوضاع اجتماعية متردية في تلك الأحياء ناجمة عن تفكك النسيج الاجتماعي وانتفاء الخصوصية بسبب انتشار الأنشطة التجارية بها بشكل عشوائي. وكشفت دراسة تحليلية حديثة أن ما نسبته 25.5 في المائة من السعوديين يسكنون في فلل، و26.9 في المائة منهم يسكنون في بيوت شعبية، فيما بلغت نسبة من يسكنون في شقق سكنية 34.3 في المائة.
وبحسب الدراسة التي أعدها المشرف على مركز الدراسات السكانية الدكتور رشود الخريف، بدعم من جامعة الملك سعود ونشرتها مجلة «سبرنجر بلس»، فإن الفيلات ترتفع نسبتها في الرياض، بينما تتركز الشقق السكنية في المناطق الرئيسة (الرياض ومكة والشرقية)، أما نمط المنازل الشعبية فيكثر في المناطق الجنوبية جازان والباحة وعسير، ومنطقة حائل في الشمال. ووفقا للدراسة فإن نسبة تملك المواطنين للسكن، أشارت الدراسة إلى أن نحو 60 في المائة من الأسر السعودية يعيشون في منازل ملك، و34.8 في المائة يسكنون في منازل مستأجرة، بينما يسكن 4.5 في المائة منهم في مساكن مقدمة من أصحاب الأعمال. أما بالنسبة للمناطق التي يتركز فيها السكان، أوضحت الدراسة أن 65 في المائة من سكان المملكة يتركزون في ثلاث مناطق رئيسية، أولها مكة المكرمة، التي استأثرت بنحو 25.5 في المائة من السكان، تلتها الرياض بـ24.9 في المائة، ثم المنطقة الشرقية بما نسبته 14.6 في المائة من إجمالي السكان.
وكشفت بيانات مصلحة الإحصاءات العامة أن إجمالي المساكن في المملكة يبلغ نحو 4.7 مليون مسكن، موزعة بين نحو 3 ملايين، 64 % للسعوديين و1.7 مليون 36 % للأجانب، ووفقاً لآخر إحصاءات المصلحة عن نتائج تعداد المساكن وتوزيعها حسب بيانات عام 2010، فإن 1.04 مليون مسكن من مساكن السعوديين هي مساكن مستأجرة، وهو ما يمثل نسبة 34.8% في المائة من إجمالي المساكن، فيما يعيش 4.5% في مساكن مقدمة من أصحاب العمل والبالغ عددها 136 ألف مسكن. وبخصوص نوعية مساكن السعوديين، أظهرت الإحصاءات أن الشقق السكنية تبلغ نحو 1.03 مليون شقة ما يمثل 34.3% في المائة من مساكن السعوديين، تليها البيوت الشعبية البالغ عددها 850 ألف بيت بمعدل 26.9% في المائة من إجمالي مساكن السعوديين، ثم الفلل بنسبة 25.5% في المائة من إجمالي المساكن والمقدرة بـ764 ألف فيلا.