عبدالعزيز محمد الروضان ">
كل الأديان السماوية منصبة على تخليص الذات الإنسانية من قيد الآثام وتحقيق راحة للذات وذلك بإزالة حزن على ما فات وقلق على ما هو آت، وهناك نص من كتاب الله يتبين لنا من خلاله أن الله يقضي على هاتين الغريزتين عند من عرف ربه قال تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} والبشرية كلها ترزح تحت مطرقة الحزن وسندان الخوف، إن من تلك الأسباب التي تجلب السعادة الدائمة هي الرضا بأقدار الله، وكل قدر يأتي على الذات الإنسانية هو خير لها إن لم يكن اليوم فهو في الغد.. وهناك اعتقاد بين بني البشر وهو أنهم يعتقدون أن السعادة تأتي بها الأسباب الخارجية كالوفرة في المال والسلطة والجاه وكثرة الأصدقاء والقصور العامرة والمركبات الفارهة والفراش الوثير!! إن مثل هذه الأسباب الخارجية ما هي إلا طيف خيال وبرق خُلب وسراب في طريق السعادة.. فالسعادة التي تُبنى على هذه الأسباب سعادة سريعة الزوال هشة القواعد يمكن أن تُسلب منك في أي لحظة، ولكن السعادة الحقيقية هي التي لا تتعلق بتلك الأسباب وإنما في الاتصال بذات الله وجلاله، فمثل هذه السعادة لا يمكن لكائن من كان أن يسلبك إياها. إن سعادة الذات لا تكمن إلا في الانصياع لرب هذا الكون أمراً ونهياً، فأوامره ونواهيه لحكمة بالغة. إن المحن بوجه عام والشرور كلها لا تملك القوة لتؤذي رجلاً سوياً عرف ربه، لأن النفس الطيبة ستظل بمنأى عن هذه الشرور والمحن، والسعادة الحقة ودروبها المختلفة تكمن في معرفة الفضيلة والفضيلة في أبسط تعريف لها هي المعرفة والمعرفة في أسمى معانيها إجلال الله وتوقيره.. ذلك أن بريق الماديات الزائف لن يُوجد ذاتاً معتدلة المزاج متلقية أوامر ونواهي رب هذا الكون برحابة صدر، ولا يمكن لأي إنسان يدب على هذه البسيطة أن يسعد إلا إذا اتصل هذا الإنسان بربه، وإذا ما تفلت الإنسان عن الاتصال بربه فهو الشقاء الدائم. والشيء الذي يتوق الناس إليه دائماً ليس مجرد سعادة عابرة بل هو شعور وسكينة يبعث على النفس البهجة والسرور، وإن البوابة التي تُفضي ببني البشر إلى ذلك إنما هي بوابة رب هذا الكون والجلوس على عتباتها بطاعته والإخلاص في عبادته. فرب هذا الكون لا يُعرف لديه إلا الخير المطلق، وما الشرور التي تعتري الذات الإنسانية إلا من صنع هذه الذات. فالله على كل شيء قدير فمن لا يملك أسباب النجاح في هذه الحياة أمده الله بأسباب السماء،..قد توجد الأسباب ولا توجد النتائج وقد توجد النتائج مع غياب الأسباب، هذا هو قانون الله في خلقه. فمن كان الله معه أتته الدنيا والآخرة ومن تفلت عنه وابتعد خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين. وأن كل خير بحوزتك هو خير باق ما دمت في اتصال مع الله.
وأخيراً فإن العودة الصادقة لخالق الأرض والسماء هي نقطة تحول في طريق كل ذات إنسانية تريد السعادة بمفهومها العميق ومصداق ذلك قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} ولا أملك إضافة بعد هذه الآية الكريمة.