عبدالرحمن العواد الشمري ">
إن ما حدث ويحدث في عالمنا العربي في السنوات الماضية التي تحرك فيها وبرز مفهوم الربيع العربي سواء قلنا إن ذلك التغيير المشؤوم كان نتاج هندسة الأقوى أو بأنه نتاج الأوضاع الداخلية المستبطنة في بلدانه أيا كان الأمر، فإن خريطة التفاعل بين المكونات الثلاثة (الربيع - السلطة - الشعب) خلقت لنا شكلا جديدا في العلاقات والتوجهات والتنفيذ على أرض الواقع ولن يكون حديثي في هذا المقال عن تلك الخريطة وعن ذلك الربيع الذي لم يبق له من اسمه شيء إلا رائحة الدماء والموت بل سيكون عن الشكل الجديد في إدارة أحداث اليمن من خلال الدور الفاعل للمملكة العربية السعودية وقوات التحالف علما بأن الأمر يتعدى فكرة إدارة أحداث اليمن/اليمن وإنما هو إدارة ومساهمة فاعلة وجادة في الأحداث برمتها في العالم العربي والشرق الأوسط وسيتم ذلك من خلال التأمل والتمعن اجتماعيا في الخيار الذي اتخذه الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله- وهو القيام بدور ديناميكي/حركي متقدم من خلال ضرب (الحوثي - صالح) وبشكل فاجأ فيه العالم شرقا وغربا والتخلي عن الدور السكوني الذي عادة ما تلتزمه السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية؛ ومن خلال هذه الأحداث فإن لنا ثمة وقفات في يقظة الملك سلمان الحازمة:
أولا: لو نظرنا إلى أحد أوجه النموذج المعرفي والكامن وراء أحداث اليمن لترجمنا ذلك إلى اليقظة التي تعني النهوض والعمل وكذلك الحركة والقيام، وهذا مرتبط بشكل وبآخر بشخصية الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله- الحازمة ومما يُدرك أن الحزم مرتبط بأصحاب الإرادة، وأن الإرادة مرتبطة باليقظة والوعي، ولذلك نجد أن هذا العمل ديناميكي/حركي بامتياز حيث قام وبعد فترة وجيزة من توليه مقاليد الحكم بعمل دؤوب ذي طابع شمولي ومتواصل عربيا وأوروبيا، كان من ثماره هذا التحالف المبارك بدوله المتعددة وما كسبه أيضا من التأييد الأوروبي لتسكين اليمن ونصرة شرعيتها المستلبة، ولذلك أوجدت هذه اليقظة فرحا في الصدور لم يكن يخفيه أحد ولاسيما في العالم العربي، وأُحبُّ أن أُشير إلى أن هذه اليقظة والحركة والفعل إنما هي أمر مكتسب يؤتى إليها وليست وراثة أو هبة حيث إن كل أحد يستطيع إن أراد أن ينتقل من خانات (اللافعل) إلى أماكن (الفعل) وهذا بالضبط ما فعلته اليقظة السلمانية.
ثانيا: أن هذا التحرك/التحالف يرتدي لباس القيم وهذا جانب مهم وعميق في شخصية الملك سلمان- حفظه الله- إذ نلاحظ أنه ومن خلال تاريخه الإنساني أنه يتحرك بقيمه العليا والخلاَّقة ومما لا شك فيه أن التحرك من خلال القيم في الحروب هو اختصاص فقط لذوي القوى المعنوية والقادرين على التفاعل الخلاّق دون الانفعال المدمر, ولكم أن تتأملوا في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي بُني كما قال الملك سلمان عندما وضع حجره الأساس؛ على البعد الانساني البحت بعيدا عن أي دوافع أخرى، ورسالتنا إنسانية لخدمة المحتاجين في كل بقاع المعمورة وأن تكون معاييرنا في حاجة الانسان أينما كان. ومن ثم فإن من ينظر في المبلغ المخصص له يلمس مدى العمق/البعد القيمي في تلك الشخصية الإنسانية حتى وإن كان سلمان حزم إلا أنه سلمان قِيَمْ, ولذلك كان المبلغ المرصود لذلك المركز الإنساني هو (274) مليون دولار. وها هو الفيلسوف طه عبدالرحمن- رحمه الله- يقول عن القيم: بأنها لا تفتأ تمد العمل الجماعي المتواصل والمتجدد بروحها وتوجيهها كما لا تفتأ تستمد من هذا العمل فاعليتها وقدرتها على إنتاج قيم جديدة فاعلة ومنتجة مثلها.
ثالثا: أن هذا الوعي المكثف في هذه اليقظة السلمانية تضعنا أمام بوابة مشروع خليجي/خليجي- خليجي/عربي لتتضافر الجهود وتتوحد الصفوف وتتكاثف الأفكار وتتقوى المشاعر فيما يُكونُ جسدا واحدا وروحا واحدة تكون تحركاتها فيما يعود بالنفع التام العام على العالم العربي الكبير والخليج بشكل أخص ويكون من مساهمات هذا الجسد وهذه الروح قطع دابر كل عابث أيا كان توجهه؛ فارسي أو قاعدي أو داعشي وليس ذلك وحسب بل يكون من رؤيتها أيضا ليس تضميد الجراح هنا وهناك مع أهمية ذلك بل وبناء تصور مستقبلي وصورة خلاقة لما نريد أن نكون عليه وشعوبنا في السنوات القادمة حيث لا مكان أبدا للمتقاعسين والمنحبسين في ماضيهم والواضعين أنفسهم كالريشة في مهب الريح فمرة في قمة جبل ومرة في واد سحيق.
ألا فليبارك الله لنا في قائدنا الملك سلمان بن عبدالعزيز وفي شعبنا السعودي والخليجي والعربي ولتتبارك مسيرتنا بفطنة سلمان القيم وبتقديرات الله الجميلة.