ذكورية أدبي الشرقية وإقصاء المرأة! ">
بعد صيف عجاف، حجب فيه نادي أدبي الشرقية، ما أقام من فعاليات قليلة جدا، عن الحضور والمشاركة النسائية، يبدو أن النادي وبعقلية ذكورية صرفة استمرأ هذا الخط والمنهج في ممارسة المزيد من فعل الإقصاء تجاه المرأة وعدم إتاحة الفرصة لها بمزاولة أبسط حق لها في الحضور، عوضا عن المشاركة في فعالياته، حيث أقام النادي مؤخرا أمسية بالمشاركة مع جريدة اليوم، اعتلى منصتها ثلاثة شعراء ذكور، كما اقتصر حضورها على الذكور كذلك، دون الإشارة إلى هذا الاصطفاء الخاص، للحضور الذكوري دون الأنثوي في الإعلان، رغم ارساله إعلان الأمسية كدعوة عامة للجميع ومنهم النساء أيضا!
والمفارقة اللافتة أن الشراكات مع مؤسسات ثقافية أو مدنية يفترض أن تنفتح على أفق أوسع وينتج عنها مزيد من الأنشطة الثقافية النوعية الموجهة لشرائح مجتمعية أكبر وليس العكس، كما يحدث مع النادي من تقليص في عدد الفعاليات وتراجع في مستواها العام وتقهقر للخلف للأيام الخوالي التي حرمت فيها المرأة من دخول النادي طيلة ستة عشر عاما، فها هو النادي يصل به الحال من جديد إلى وضعية إقصاء المرأة عن حضور فعالياته وتهميشها بشكل متكرر، الأمر الذي يشي بانهيار في منظومة القيم الثقافية للنادي التي يفترض تبنيه لها ومناداته بها وعلى رأسها شراكة المرأة في صناعة الفعل الثقافي و تفعيل دورها للدفع بالمشهد الثقافي للأمام!
والمثير للدهشة أن يحدث مثل هذا الفعل الإقصائي الذي يؤثر سلبا في إيجابية الفعل الثقافي ويمارس في هذا التوقيت تحديدا من قبل مؤسسة ثقافية رسمية في ظل غياب تام للصوت الناقد والمحاسب لهذا الفعل غير الحضاري، والذي يعد من المفارقات العجيبة في فترة تسجل فيه المرأة السعودية مرحلة انتقالية مهمة بالظفر بحقها المشروع في دخول انتخابات المجالس البلدية كناخبة ومرشحة!
وهو أمر مؤسف، يأتي خلاف التوقعات من مرحلة مهمة نمر بها كان من المفترض أن تشهد تكثيفا وتنشيطا لحضور ومشاركة المرأة في المؤسسات الثقافية لتكريس أهمية هذه المشاركة على المستوى العام وتعزيز إيمانها بقدراتها الذاتية ودورها كشريك في التنمية الوطنية، وبالتالي تعزيز قدراتها على التصدي لكافة المعوقات التي تترصد بها. أو على أقل تقدير محافظة النادي على صدى مرحلته الذهبية إبان رئاسة القاص جبير المليحان، ووجود اللجنة النسائية المساندة لأعمال النادي برئاسة القاصة فوزية العيوني، والتي شهدت في أعقاب تأسيسها عام 2006ازدهارا مرحليا تمثل في حضور ومشاركة المرأة بشكل جيد مقارنة بالوضع الراهن.
حيث العديد من الفعاليات كانت تعقد إما بإشراف اللجنة، أو بمشاركتها مع مجلس الإدارة، وكان يتم من خلال هذه الأنشطة المنوعة وغير المنقطعة التي يقدمها النادي على مدار أربعة أيام من كل أسبوع (لجنة الترجمة - المقهى النسائي - فعاليات الثلاثاء المنبرية العامة - المقهى الرجالي). التعريف بالعديد من الأديبات والمثقفات بخاصة عبر المقهى الثقافي النسائي الأسبوعي الذي تستضيف اللجنة النسائية من خلاله نماذج نسائية مهتمة بالنشاط الاجتماعي، كما تقيم الورش الفنية والثقافية المنوعة وتحتضن المواهب الشابة. في مقابل التعريف بالعنصر الرجالي من الأدباء والمثقفين عبر الأنشطة الأخرى إضافة إلى التعريف بالمرأة كذلك، وكان هناك حضور دائم لرئيسة اللجنة يشجع الأخريات على التواجد والحضور والتفاعل.
لم تكن القاعة أو بالأحرى القبو المخصص للنساء يخلو في الغالب من وجود عنصر نسائي كما هو الحال الآن. ورغم ذلك فقد تفاءلنا خيرا بحل اللجنة على أمل اشراك المرأة بشكل أعمق في صناعة القرار وعلى أمل أن تمتلك صوتها المؤثر في سير العمل الثقافي داخل المؤسسة من خلال عضوية كاملة في مجلس إدارة النادي، رجاء حصدها لعدد أكبر من المكتسبات تمكنها من العمل حسب التطلعات، لكن للأسف، الأمر بدا مخيب جدا مع حل اللجنة ودخول النادي في نفق مغلق قضى تماما على فاعلية المثقفة السابقة عبر النادي.
والسؤال الملح الآن الذي أتركه للمسؤولين عن الثقافة في بلادنا الحبيبة، إذن ما الحل؟
شمس علي - الدمام