وحَثَّ راحلتيه الفقرَ والأَدبا
يجرّ خلف رؤاه الشمس والعربا
في سيفه لمعة الأطماع ما انطفأَتْ
كأنما اتقدتْ في نصله شُهُبا
إذا توثّب خطو الكبرياء به
تخال أن جميع الدهر قد وثبا
يرمي به زمنٌ عاتٍ إلى زمن
أعتى، فلم يَشْكُ إعناتاً، ولا تعِبا
مسافر والمدى أصداءُ رحلته
يحدو لأمّته الثاراتِ والغضبا
لأمةٍ لم تزل في الأمس سادرةً
يا ويل من سكنوا في الحاضر الكُتُبا
تكلّست فوق ماضيهم مفاخرُهم
وذلك المجد عن أوطانهم هربا
وفي زحام الهويّات التي بُنيت
على المبادئ والتاريخُ ما كذبا
ذابت هويتهم.. ضاعت ملامحهم
كأنهم وسْط بعضٍ أصبحوا غُرَبا
فلم تعُد نَجْدُ تدري ما العرارُ بها
وقد تخلّى بنو حمدان عن حلبا
تاريخهم محضُ آثارٍ، ويُنكرهم
وينسبون له أعراقهم كذبا
إن اللقيط إذا ما كان مغترباً
إنْ أصبح الوطن المزعوم مغترِبا
تناسلت أمة المليار.. ما ولدت
لولا البواسق لم نستعذب الرُّطبا
لا تسألنّ عن الأمجاد ذا نُسُك
لم يَعْيَ أن يدّعيْ جاهاً ولا نسبا
وسائلِ السيف يخبرك اليقين ففي
إلا المآسيَ والأحزانَ والكُرَبا
ظلت تباهي بطول العمر تقطَعُه
وعِرضُها كان طول العمر مغتصَبا
سلاحها الشجب والصاروخ منطلق
هل يأخذ الثأرَ موتورٌ إذا شجبا
يدُ الجبان إذا كلّت أو ارتعشت
تعللتْ كذباً أن الحسام نبا
خافت على الكَرْم من أن يستحيل على
يدٍ إلى خمرة؛ فاغتالت العنبا!
إن الأُلى زرعوا النيران ما قطفوا
غير الرماد.. وحقلُ النارِ قد جَدُبا
والجمر أرحم ممن أشعلوه.. ولو
درى بما تثمر النيران كان خبا
لم يبقَ في جذوة الحطّاب من شرر
قد أرهق الجمرَ مَن في صيفه التهبا
بئس الظِّماءُ إذا أحشاؤهم رَوِيَتْ
لم يأبهوا.. اندفقَ الينبوعُ أم نضبا
تُغرَى الصحارى العقيماتُ التي مُطرت
أنْ تُلبِس التهمَ الغيماتِ والسُّحُبا
لو يَعلم الغيثُ عقمَ البيد ما انسكبا
ولو درى الفجر بالعميان لاحتجبا
إن النفوس إذا غاياتها قصُرت
فليس يرفعها أن لفّقت رُتَبا
تراقصت حولها الأعداء رقصتهم
للقتل.. وهي انتشت من رقصهم طربا
تُبدي اعتراضاً ولكن.. ليس ثَمّ صدىً
فليس يُعبأ بالمسجون لو غَضِبا
سيانِ في عين من يرنو إلى قزمٍ
إنْ يَلْقَه جالساً أو كان منتصبا
إن الغريق غريقٌ.. ليس ينفعه
أفي الأجاج قضى، أم في الذي عُذبا
لا تنفخنّ بها فالروح ميتةٌ
هل يُدرك القبرُ لو مرتْ عليه صَبا
فِراقُ بينِكم الغاياتُ، واتخذوا
طريقهم في مدى أحلامهم سربا
لا تأسفن على البستان إن عَقِمَتْ
أشجاره واتّخذْ أغصانَها حطبا
ولم يكن وطناً ما تستقر به
ولا الأُلى قبعوا في الكُتْب، والخُطَبا
فسِر وحيداً.. وأعلى المجد أصعبه
بريقه المجدُ، «والدنيا لمن غلبا»
ولن تُعزّك أغمادٌ مذهّبةٌ
إذا اتخذتَ سيوفاً للوغى خشبا
- سعود بن سليمان اليوسف