أركب «المترو» الذي يربط الحدود الشماليّة بالمملكة العربية السعودية إلى بغداد، وأستمع في أذني لأغنية جميلة جداً مطلعها:
«ما أحلى أيامنا نحن العرب..
العالمُ يفاخر بنا..»
ألتقطُ صحيفة «المترو».. أنظرُ إلى الصورة في الزاوية السفلية اليسرى، يعلوها ذلك العنوان العريض: «الدول الأقل فساداً في العالم»:-
1 - السودان..
2 - الصومال..
3 - العراق..
يليها بقية الدول العربية.
أذهب إلى صفحة الثقافة في الصحيفةِ ذاتها لأقرأ عنواناً عريضاً «الماغوط ونزار ومطر»، وفي تفاصيل الخبر: كانوا أصدق الشعراء وصفاً لحال الأمة العربية، وهم صورة مناقضة جداً لواقع الأمة العربية اليوم الذي أضحى مزدهراً وعامراً بالجمال وملهماً للحضارة البشرية..
قبل أن أضع الصحيفة في مكانها الملائم أضطر مكرهاً للصفحة السياسية، ودهشت بكمية الإعلانات الكثيرة، وزالت دهشتي؛ لأنني تذكرت أن هذا هو حالها، وهو طبيعي جداً؛ قلما يهتم الناس بالسياسة لانشغالهم بتعمير أوطانهم، وكل فاسد مصيره المحاكمة. في تلك الصفحة أرى إعلاناً يغطي نصف الصفحة، مفاده: ندعوكم لحضور مسرحية رائعة في دمشق، عنوانها (حروب راديكال). ألتقط صورة لإعلان المسرحية؛ كي أحتفظ بها في جهازي. وقبل أن تغادر عيني تلك الصفحة يلفت انتباهي الخبر الصغير جداً أسفل ذلك الإعلان: إقفالُ آخر معتقل سياسي في العالم العربيّ، وتحويله إلى متحف لاستقطاب الزوار..
أعرّج بعدها على صفحة الاقتصاد؛ ليستقر في وجداني الخبر الآتي: دول الخليج العربي أصبح اقتصادها يعتمد 99.99 % على الاقتصاد المعرفي وبناء الإنسان..
أصل إلى العراق سالماً، وقد ارتاح قلبي وعقلي، وسُرّ خاطري بما قرأت وبما رأيت من مناظر جميلة أثناء انتقالنا عبر (المترو). أذهب إلى نهر الفرات، وألتقطُ (سيلفي) فاخر الجودة، ومن ثم أرسلها لأمي عبر الواتس آب؛ لأبشرها بأنني وصلت للعراق، ومن ثم أرفع ذلك (السيلفي) الفاخر في (إنستقرام)، وكل تعليقات أصدقائي أسفل الصورة اتفق فحواها على أنهم يتمنون أنهم بجانبي في الصورة ذاتها في هذه اللحظة على نهر الفرات..!
أُكملُ رحلتي بالمترو العربي الموحد إلى دمشق. أرى في ناصية محطة ساحة المرجة رئيس الوزراء السوري متواضعاً ينتظر دوره بين المواطنين، وبعدها أذهب لتلك المسرحية بعنوانِ (حروب راديكال)! وهي مسرحية كوميدية ساخرة سوداء، تحكي واقع العرب الماضي الذي كان دموياً.. وهي المسرحية الأكثر مبيعاً، وتُرجمت للغات عدة، من بينها الكردية..!
وهكذا أُكمل رحلتي الجميلة في عواصم الدول العربية كلها مسجلاً مشاهداتي الكثيرة والمثيرة في ملاحظات الآي فون؛ لتكون مسودة كتاب قادم عنوانه: نظرة على ازدهار العرب!
كلّ ما كُتب أعلاه: أحلام إبهام عربي في شاشة لمس مهشمة بالألم!
- حمد الدريهم