سياح بدون حقائب مجرورة للحدّ من التلوّث السمعي ">
البندقية - سهيلة طيبي:
ستشهد مدينة البندقية بعض الهدوء، بعد صدور المرسوم القانوني الجديد الذي يحد من استعمال الحقائب المجرورة، التي تخلف ضجيجا جراء احتكاكها بإسفلت الطرق القديمة المرصوفة بالحجارة، وتلافيا لما تخلفه من ندبات على أسطح الجسور القديمة وفي أزقة المدينة العتيقة. فقد قام شيخ مدينة البندقية السيد فيتوريو تزابالورتو بإدراج هذا المرسوم الجديد في إطار مكافحة التلوث السمعي، لكونه لا يوجد قانون خاص يحظر استعمال العربات الصغيرة أوالحقائب المجرورة ذات الإطارات الصلبة البلاستيكية. إذ سيضطر السائحون القادمون إلى المدينة العائمة بدءا من الصيف الجاري إلى استخدام حقائب ذات عجلات مصنعة من المطاط اللين الممتلئ بالهواء لتفادي إحداث أي ضجيج، أو إلحاق أي ضرر بطرقات المدينة العتيقة، التي تعد ثروة سياحية ليس لإيطاليا فحسب بل لكافة عشاق هذه المدينة من كافة أرجاء العالم، لكونها مصنفة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
وقد اعتبر السيد فيتوريو تزابالورتو هذا الإجراء بإسكات ضجيج الحقائب ومحاصرته صائبا، لما تحدثه من تلوث سمعي لدى زوار المدينة وأهاليها، على حد سواء، فبهذه الطريقة صرّح قائلا: نكون قد أمّنا لسكان المدينة الهدوء التام. لكن العديد من السياح تذمروا من هذا الإجراء الصارم الذي حرمهم من حرية التنقل والتسيح على هواهم في مدينة البندقية، بكل أريحية ودون عراقيل. وهذا ما عبّر عنه أغلب السياح المرتادين للمدينة ممن قمنا باستجوابهم. فقد علّق السيد مايكل وقرينته مارغريت القادمان من إنجلترا أنهما تفاجآ عند حلولهما بالمدينة بهذا الإجراء الجديد. تقول السيدة مارغريت كلانا كان يحمل حقيبة مجرورة بالعجلات البلاستيكية الصلبة العادية، وقد أوقفتنا الشرطة البلدية وألزمتنا بدفع غرامة مالية قدرها 100 يورو. وللتذكير فإن من يخالف هذا الإجراء الجديد سيلزم بدفع غرامة مالية تتراوح قيمتها ما بين مائة يورو وخمسمائة يورو. لكن بعض السياح، وهم قلة، مثل السيدة نيهاوشي من اليابان أخبرتنا قائلة: أتفهم مقصد هذا القانون وجدواه، فقد جاء للحفاظ على هدوء البندقية وأظن أنه من الواجب علينا كسياح أن نساهم في ذلك من خلال الالتزام بذلك دون أن نتذمر، فزيارتنا لهذه المدينة الساحرة يتطلب منا مراعاة حق الآخرين والتمتع والسياحة دون إحداث حرج أو ضرر لساكنيها أو زوارها.
أما بالنسبة إلى الإيطاليين المقيمين فيها فقد أثْنوا على هذا الإجراء واعتبروه من أهم الإجراءات التي اتّخذت لصالح سكان المدينة العتيقة. فقد بارك جلّ من سألناهم عن جدوى هذا المرسوم مسعى المفوض البلدي السيد فيتوريو تزابالورتو. وأخبرنا السيد ماركو وهو من قاطني المدينة قائلا: محل سكناي يقع على الشارع في قلب المدينة العتيقة، وضجيج الحقائب أسمعه يوميا في ساعات قيلولتي وحتى في ساعات متأخرة من الليل، ففي الكثير من المرات أستيقظ مرغما بسبب هذا الضجيج المفرط للحقائب المجرورة التي لا تهدأ.
من جانب آخر أبدى تجار المدينة العتيقة وأصحاب الفنادق والمقاهي استياءهم من هذا القرار، معلّلين ذلك بأنه سيقلل من قدوم السياح، إضافة إلى أن القانون يعنيهم بذاتهم فهم ملزمون باستخدام كافة أدوات النقل والجر ذات الإطارات المطاطية المناسبة في التنقل والشغل. وقال صاحب أحد الفنادق بالمدينة العتيقة بالبندقية مازحا: هذا القانون من شأنه أن يدعم صناعة الحقائب ذات العجلات المطاطية الممتلئة بالهواء والحاملة لشارة حقيبة خاصة بالبندقية.