م. عبدالعزيز علي الزنيدي ">
عنيزة واحدة من مدن هذا الوطن الغالي.. وكل مدينة في هواها تغني.. وعنيزة إذا تغنت أطربت.. وإذا تحدثت أمتعت.. وإذا قصدت فإن قصيدها لا يمل من سجع قوافيها وثراء معانيها.. سرت فيها عدوى الأنشطة المتنوعة حتى صار في كل يوم نشاط وكل شهر فعالية وكل موسم حدث يقدم نفسه بثوب يغاير الآخر.. انطفأت لواهب الصيف مع روابي البساط الأخضر في منتزه الحاجب وتذوقت العوائل جمال الطبيعة ولطافة الأجواء في المزارع التقليدية والنزل الريفية.. ومع الأجواء المتلطفة بالأمطار الصناعية، ينقلب الصيف شتاء والحر نسيما عليلا.. ولا يتوقف الجمال عند تلطيف الأجواء في الصيف.. بل تنتعش الأسر المنتجة في سوق المسوكف وبيت البسام ومنتزهات الحاجب ومهرجان العوشزية.. وأثناء التسوق التراثي تعيش الأسرة أمسية مع الرفاهية وإمتاع المتسوقين والمنافع العائدة على الأسر المنتجة.
ولا يتوقف النشاط الصيفي عند هذا الحد بل يمتد إلى أبعد من ذلك حيث تتنوع فرص الترويح والترفيه والتسويق في زيارة متحف الصالحي قرب المزارع الريفية ومتحف الحمدان في الوادي ومنارة جامع الشيخ محمد بن عثيمين التاريخية والمساجد التراثية القريبة من الجامع والتي يزيد معمارها عن مائتي سنة.. تراث متنوع ونزل متعددة وشاليهات ملطفة بالرذاذ تنسيك لواهب الصيف.. وإن كانت اللواهيب تعطل الحركة أحياناً فإنها تنعش الحركة التجارية أوقات كثيرة والدليل هذه المرة مهرجان التمور وخلال ثلاث أشهر تنتعش الحركة بشكل غير طبيعي تصل فيها الإيرادات أكثر من (أربعمائة مليون ريال) وكل ما اشتد الحر جلب معه المنافع لأهل عنيزة.. هذا في الصيف أما في الشتاء فهو فصل آخر مدجج بالمنافع التي لا يحسن استثمارها إلا أهل عنيزة حينما يرمون بثقلهم ومتاعبهم على روابي رمل الغضاء الشتوية التي يزداد جمالها وتنتعش المتعة فيها حينما يتحولقون قرب جمر الغضاء ويتسامرون لا يشعرون بالوقت الذي يقصر مع لذة السمر حول جمر الغضاء.. ويتزامن مع تلك الأجواء الربيعية مهرجان الغضاء الذي يقام بين الكثبان الرملية والتي تحيط بها أشجار الغضاء العطرة.. وذلك المهرجان عالم آخر من المتعة والتشويق والاستثمار حيث يمتد حتى نهاية فصل الشتاء.. وإن توقفت المهرجانات الموسمية فإن الحركة الترويحية مستمرة في ديوانيات الأحياء التي تجاوزت 80 ديوانية وهي عبارة عن خيمة شعبية يتم إنشاؤها من قبل البلدية لاجتماع أهل الحي والتلاقي المبرمج عوضاً عن الاجتماعات والتلاقي في المنازل الخاصة ومن مكاسب تلك الديوانيات ان البلدية تنفذ برامجها التطويرية عن طريق تلك الديوانيات مثل الحفاظ على نظافة الحي.. ورقابة العابثين، وتفعيل الأدوار الرقابية الهادفة إلى رفع مستوى الجمال والحافظ على مكتسبات الأحياء والتي ظهرت منافعها مع زيادة الديوانيات فالكل يرغب أن يكون في طليعة الأحياء المثالية.. وعلى نهج فعاليات خدمة المجتمع أطلقت بلدية عنيزة العديد من الأنشطة الاجتماعية وهذه بعض عناوينها (سعادتنا سعادتكم - نخدمكم من أماكنكم) (وهذه خاصة في المعاقين ومحدودي القدرات) - صور وأرسل - فزعة..) كما توسعت مشاريع مضامير المشاة النموذجية المعمولة من بودرة الترتان المطاط لاكساب الليونة والمرونة بالأرضية عند ممارسة المشي..
وفي عنيزة العدوى الإيجابية لا تتوقف عند حد معين حيث شرعت إدارة التعليم في تنشيط الأندية الترويحية وتفعيلها في المدارس النموذجية حيث يمارس فيها النشاط الرياضي والترويحي والترفيهي وذلك في العديد من مدارس الأحياء خلال الفترة المسائية..
وفي الشأن الثقافي فإن عنيزة رائدة في الفعاليات الثقافية والنشاطات الترويحية والترفيهية وحينما نقول إنها رائدة في المجال الأدبي والثقافي فهذا ليس إطراء من أهل عنيزة ولكنه جاء بلسان محايد وكان عن طريق الشيخ والأديب الرحالة محمد بن ناصر العبودي حيث قال في ثنايا كلمته عند افتتاح مركز الأميرة نورة الجديد بحضور أمير منطقة القصيم (إن البعض يمر عليه سنة أو أكثر لا ينتج فيها كتابا واحدا ثقافيا أو اجتماعيا أو دوريا أما عنيزة فقلما يكون إنتاجها الأدبي السنوي دون عشرة كتب).. وهذا سر قفزات عنيزة وتسارع فكرها الفكري والثقافي.. وفي الناحية التخطيطية فإن عنيزة تميزت على مستوى المملكة بالمخططات الآمنة للأحياء والتي من منافعها انخفاض الجريمة إلى حد التلاشي وارتفاع مؤشرات الترابط الاجتماعي كما تميزت بالهدوء والأمان للأطفال حينما يمارسون ألعابهم الترويحية مع أقرانهم في المواقع المخصصة للترفيه..
وعندما تتنوع فيها الأنشطة وتتنامى فيها الفعاليات وتندمج الشرائح الاجتماعية مع بعضها فإن المخرجات بالتأكيد سوف تكون مثالية وهادفة تنعكس من خلالها بوادر الرضا والارتياح.. وما هذا إلا غيض من فيض ولدى عنيزة من البرامج والخطط الترويحية الهادفة بالمستقبل الشيء الكثير..
واختصر خاتمة هذا المقال المتواضع في هذه الأبيات لشاعر عنيزة الشاب عبدالعزيز حمد القاضي التي يقول فيها:
فل الحجاج لا جيت باريس
باريس نجد احجاج روحك تفله
بعنيزة الفيحاء تموت الهواجيس
وتصير به نفس الشقي مسفهله
لأهل الثقافة عاصمة مثل باريس
نجد السماء وهي والقمر به مطله
يا ما حلا جوه وذيك النسانيس
بين النخل وغروسها المستظله
- عنيزة