سعود البديري ">
* أرباب الفكر الظلامي يعيشون في أزمة حقيقية وعزلة مجتمعيّة شاملة، وبيعهم لحياتهم بأبخس الأثمان في استباحة دماء المسلمين، وامتهان حرمة بيوت الله، لم يكن يوماً من الأيام عملاً بطولياً أو قراراً شجاعاً وجريئاً، بل هو قرار حتمي لمن وجد نفسه أمام نهاية تعيسة وقذرة لفكرٍ ظلامي أجوف اعتاد على رائحة الدماء والأشلاء وترجم اللغة الحقيقية للعبث والخراب والدمار.
* أرادوا بأشلائهم أن يغتالوا الأمن، ويزرعوا الرعب والرهب في نفس كل مواطن.
واختاروا بيوت الله لمعرفتهم التامة بالسلوك الديني المحافظ للمجتمع وحرصه على ارتياد هذه البيوت الطاهرة.
* ما حدث في مسجد قوة الطوارئ بخميس مشيط هو ضمن مجموعة من الأعمال الفضائحية التي قامت بتعريّة هؤلاء، وجعلت بعض من يتعاطفون معهم في حيرةٍ من أمرهم وقد اعتراهم خجلٌ شديد من أنفسهم.
* فالقضية لم تعد «جدلاً فكرياً أو إسلامياً فقهياً»..
وهذا مما جعل بعض المحللين يشكّك في جهود المناصحة والإرشاد بوزارة الداخليّة.
وأحداث مسجد قوة الطوارئ دللّت أنّ المسألة أكبر من مسألة «نصح وإرشاد» فمن يختلف معنا أو يختلف مع فقهنا وسياسات حكومتنا لا يمكن أن يقوده هذا الخلاف إلى هذه الممارسه التي تعزّز من مكانة الطرف الذي يختلفون معه.
فسلوكهم الإجرامي بالآونة الأخيرة تعدّى كل قيمة معنوية من قيم النصح والإرشاد وأصبحت القواسم المشتركة بينهم وبين من يحاولون إعادتهم لجادة الصواب وتأهيلهم والعودة للانخراط بالمجتمع في أزمة حقيقية بسبب ذات السلوك، وتلك هوّة كبرى من الصعب احتواؤها.
فمن يقوم بتنفيذ هذه الأعمال الإجرامية في بيوت الله لا يمكن أن تلتقي معه في أي نقطة دينية أو فكريّه، غير أنّها ترجمانٌ قد تجلّت مظاهره في وجود علاقة طرديّة ومتينة مع العديد من القوى السياسية المعاديّة والمافيا العالميّة التي تعمد على زرع القلاقل وإحداث الفوضى، بل إنّ التوقيت الزمني في الروزنامة السياسية ينسجم مع توجهات «الملالي الإيرانية» وحجم الصراع الإقليمي.
* وكثيراً ما تبجح هؤلاء في تصاريحهم وفي أساليب تهديدهم ووعيدهم السخيف مثل «حزب الله».
و»جماعة البطّاط» و»المتمردون الحوثيون».. الذين يدورون حول فلك «نقل الحرب بالداخل».
وتلك المؤشرات والمعطيات ليست مجرد قراءات عابرة، بل كانت نتائج مضنية وعملاً دؤوباً بين «الداخلية والخارجية» لكنّ السياسة السعوديّة المتزنة والرصينة نأت بنفسها كثيراً عن مواطن الزلل وأحسنت الظن ولم تبن قراراتها على أي مؤشر لا يحمل «أسلوباً وتدبيراً مباشراً» يمكن خلاله لي العنق الدبلوماسي الدولي والخروج بقرار دولي وأممي، لكن الأيام والأحداث كفيلة بالكشف الجلي والواضح لحجم المؤامرات المخابرتيّة، كما كشفت عدداً كبيراً منها بالسابق في مواضع مختلفة، فالمواطن البسيط أصبح يقرأ ذلك السلوك القذر الذي حاول أن يضرب على أوتار عديدة فشل من خلالها بالحصول على نتائج إيجابيّة.
* ولقد وجهت «السعودية» ضربات متتاليّة عزّزت فيها أمنها واستقرارها - ولله الحمد - وزرعت السياج والحصن السياسي والفكري لها بالخارج.
وقتلت أحلام «المتآمرين» و»أعداء الأمّة».. ووضعت حدّاً لتدّخلاتهم السافرة، ومررت رسائل دوليّة عديدة للكثير من القوى والمنظمّات السياسية أكدت فيها أنّ «عين المملكة» واعيةٌ وترقب كل صغيرة وكبيرة وأنّها مطلعة على ما يدور بالخفاء وتحت الكواليس.
وسواءً كشفت هذه الرؤوس - أياً كانت وأياً كان حجمها وثقلها وهيمنتها - عن نفسها أم لم تكشف فإنّها لن تجد سوى «الحزم والعزم».
وترسانتها العسكريّة وشجاعة رجالها الأبطال والأشاوس ترحب بكل من يغامر في تبرير واحتضان كل مجرم وإرهابي يريد دمارنا وخلق الفوضى بيننا.
وبالنهاية تمرّ «العاصفة السعوديّة» وسط تصفيق وإعجاب وتقدير من العالم بأسره.
ولسان حالها يقول:
«أين من يدعم ويحتضن الإرهاب»؟
* المهم أنّ هؤلاء «الخوراج» ومن يقف وراءهم قد قاموا بإحراق كَافَّة أوراقهم وتحريك أدواتهم والزجّ بها في النار والجحيم، دون أي اعتبار لحجم النتائج التي ترغبها وتعمل من أجلها.
* ودائماً المجرم عندما يشعر بأنّ «السلطة الأمنيّة» قد وصلت إليه، وضيّقت عليه الخناق، يعمد مباشرةً لتنفيذ جريمته ليس للوصول للهدف، بل للهروب البعيد والنهائي عن الحياة والمجتمع.
* كان البعض يظن أنّ من يجرِّم ويشنّع سلوكهم الإرهابي هو «رجل موالٍ للدولة» أو «شيخٌ يصفونه بلغتهم
«بالجامي» أو «مواطن» يخشى السلطات أو رجال المباحث - بلغتهم وتصوراتهم المريضة - ولكن الوضع اختلف كثيراً بالآونة الأخيرة فهم أصبحوا يدركون أنّ «المواطن والشيخ وطالب العلم» يقف ضدّهم ويحاربهم قبل الدولة وسلطاتها القضائية والأمنيّة.
* فرجال أمننا الأشاوس لا يقفون أمامهم وضدّهم تأديّةً لواجباتهم العسكريّة والوطنيّة فقط، بل لأنّهم يملكون قناعة كبرى وعظيمة أنهم أمام عدو حقيقي لهم بالدرجة الأولى كمسلمين ومواطنين، ويستوجب ذلك منهم العزم والإصرار على استئصال شأفتهم ومحاربتهم.
* كَافّة شرائح المجتمع تشعر برغبة جامحة في الثأر منهم، بل وطالب الكثير من المحللين والمواطنين بضرورة الحزم عليهم وتجفيف منابعهم ومحاكمة منظِّريهم وعدم أخذ الرأفة بهم.
* لم يستطع المجرم على القدرة على قراءة آية قرآنية واحدة من المصحف الشريف لأنّه سيجد حتماً «الخصم والحكم»، وسيجدّ حجم إجرامه وضلاله.. نسأل الله السلامة والعافية.
* رجال جنوبنا الغالي وقفوا وقفةً مشرّفة ووقفة رجل واحد وتقاسموا الألم فيما بينهم جرّاء هذا العمل الإرهابي الجبان، وازدحام مستشفيات خميس مشيط بهم وهم يشمِّرون عن أيديهم لأكبر دليل على إيمانهم وولائهم وعروبتهم وأصالتهم.
* أختمها بتغريدة جميلة للشاعر ضيدان المريخي:
«الوطن.. كله عسير»!