إبراهيم الطاسان ">
ونحن على أبواب انطلاق عملية قيد الناخبين للدورة الثالثة للمجالس البلدية تثري نتائج عشر سنوات من الممارسة الرأي بتراكم وقائع التجربة لو لم يكن من تفعيل دور المجالس البلدية، إلا أنها فرزت اتجاهات الرأي كقياس لمدى ثقافة المجتمع الانتخابية. وقد تجلت خلال دورتين انتخابيتين حالتان أفرزتهما المرحلة السابقة هما: تكوين أعضاء المجالس البلدية، وورش العمل والدورات التطويرية في مجال المجالس البلدية. حالة تكوين المجالس شابها توحيد جهة تعيين الأعضاء المعينين. بجعلها مناطة برئيس البلدية دون سواه بدون ضوابط محددة فمن التقاليد الراسخة في الأنظمة الأساسية للمؤسسات والمنشآت التي تدار بهيئة كمجالس الإدارة، تقيد عملية التعيين بضوابط منها وأهمها أن لا يكون المعين من ذوي القربى من الدرجة الرابعة الموصلة. ولعدم وجود هذه الضوابط. وجد أن الأعضاء المعينين بحكم انعدام هذا الضابط. ينظرون إلى يد رئيس البلدية متى يرفعها بالقبول أو الاعتراض عند التصويت ليعانقوا رغبته. ومن جانب آخر يتعذّر على المنطق والعقل القبول بحسن خيار رئيس بلدية مستجد على مركزه ربما لا يعرف أسماء بعض موظفيه في اختيار الأعضاء المعينين من وسط اجتماعي لا يعرفه، ولم يسعفه الوقت لمخالطته وقد لا يلام على ذلك وهو ما كان يلزم أن تضبط عملية التعيين بالتشاور بين رؤساء البلديات والمحافظين أو رؤساء المراكز وأن يكون رأي المحافظ أو رئيس المركز مرجحاً على ما سواه؛ لأن أعمال المجالس البلدية ليست أعمالاً إدارية تنفيذية يندرج ضمن اختصاص وزارة الشؤون البلدية والقروية فقط. فالبلدية مثلها مثل التعليم والصحة وغيرهما تخضع لإشراف الحاكم الإداري. الحالة الثانية: إفرازات ورش العمل والدورات التطويرية للمجالس البلدية، وهو جهد مشكور حرصت عليه إدارة المجالس البلدية بكثافة وتنويع الدورات التطويرية أفرزت انعدام التأهيل العلمي المكافئ لدور عضو المجلس البلدي إلا فيما ندر في بعض المجالس البلدية وإن كان رفع المؤهل العلمي للمرشحين لعضوية المجالس البلدية في الدورة الثالثة إلى الثانوية العامة. فإن هذا المؤهل لا يمكن أن يحيل بالعقل والمنطق على أن حامل الثانوية العامة قادر على تحليل ومراجعة الحساب الختامي للبلدية. بل إن البعض يتعذّر عليه تحديد أي الجهات الأربع للمخطط المبسوط بين يديه. أو التقارير الدورية أو التي يطلبها المجلس وهي وسيلة المجالس للرقابة فقط وحيث إن التارير الدورية أو التي يطلبها حسب اللائحة.. تكون تقارير معاقة بحالة تكوين المجالس ويبقى أن نقول: الثقافة الانتخابية بمعنى اختيار الأصلح، مفقودة في انتخابات المجالس البلدية على الأقل في الأرياف وما تشتمل عليه من قرى وبلدات وهجر؛ فلا تزال محكومة بابن الأسرة والقريب والنسيب. وهو ما يوحي بأننا بعيدون جداً عن ثقافة اختيار الأصلح فما زلنا في دوامة (تقريب الرفاق والأصدقاء وتنحية الأكفاء) لذلك شابها الفشل. وهذا ليس في العملية الانتخابية فقط، بل سائد في التكاليف والاختيارات الإدارية. وشواهدها قائمة.. بأمل أن يصار إلى ثقافة ترقى بالعملية الانتخابية بحكم الضوابط ما يرفع مستوى الوعي الانتخابي.
- الخبراء