المهندس: مهند الكاطع ">
كاتب هذه السطور «مقيم» سوري الجنسية، مكان الإقامة الخرج، وأحببتُ أن أدلو بدلوي هذا بمناسبة افتتاح المدارس في العام الجديد، خاصة وأنني أعتقد بأن ما أتناوله يلامس اهتمامات المواطن السعودي والمقيم أيضاً. فجل ما يفكر به رب الأسرة هو مستقبل أبناءه، وخاصة الجانب التعليمي منه.
نشعر للوهلة الأولى بالارتباك من الاختيار الصحيح بين المدارس الحكومية والمدارس الأهلية، وما يزيد الطين بله هو دخول المدارس العالمية على الخط.
اعتاد المواطن العربي عموماً على الذهاب وراء الأسعار دون أن يفكر كثيراً في الجودة، وجرياً على مقولة المثل الشعبي «الغالي هو الرخيص» بدأ يبحث عن الأغلى، كيف لا والأمر يتعلق بمستقبل فلذات الأكباد. ومن واقع تجربة شخصية أقول إن هذه المقولة ليست دائماً صحيحة، خاصة في المجال التعليمي الذي بدأت بوادر الاحتكار تظهر عليه، وبدأ جنون تصاعد الأسعار يجعلها تنهك كاهل الأب الذي يقع بين نار الأسعار ومستقبل الأبناء الأفضل.
صُعق كاتب هذه السطور عندما زار مدرسة أهلية في محافظة الخرج لتسجيل أبنائه في الصفين الأول والتمهيدي، فكانت المفاجأة بأن الأسعار مع النقل 27 ألف ريال سعودي، بقيت الحيرة تنتابني لمدة أسبوع، وأنا أفكر في كيفية اقتراض المبلغ والجهة التي ستمنحني القرض، صديق، بنك، شركة، وحتى لو حصلت على المبلغ فكيف سأسدده؟
حسمت قراري بالتوجه إلى أقرب مدرسة حكومية في الحي امتثالاً لقول الشاعر: مجبراً أخاك لا بطل، وكانت هذه المدرسة هي «هشام بن عبد الملك».
تفاجأت ببناء المدرسة الرائع والمجهز بأحدث التجهيزات، وترتيب الفصول ومكاتب الإدارة والأثاث النظيف والمرتب، ليس هذا فحسب، بل الأكثر من ذلك هي البشاشة المرسومة على محيا مدير المدرسة الذي يناديه زملاؤه «أبو علي» دون كلفة والذين هم الآخرين بذلوا قصارى جهدهم في الترحيب والمساعدة والاستماع والشرح. لم أكن أتوقع أن تنتهي إجراءات تسجيل ابني خلال نصف ساعة، والأكثر من ذلك تولى مدير المدرسة المساعدة لتسجيلي في برنامج نور التابع لوزارة التعليم.
كثرة أسئلتي واستفساراتي لم تزد هذا المدير الكفؤ إلا ابتهاجاً، وكان موعد الفرصة بين الحصص مناسبة لألتقي باثنين من المدرسين الذين خرجوا مبتسمين ومنحوا ابني المزيد من الطمأنينة عبر سؤالهم عن اسمه وعمره وحاله.
أسجل هذه الكلمات والملاحظات بالمستوى المتقدم الذي وصلت إليه المدارس السعودية، والمدرسين السعوديين المدربين على مهارات التواصل بشكل جيد جداً، شيء يبعث على الأمل والتفاؤل.
من هنا أرى من موقع «أب» لطلاب مدارس، أن تكون هناك مراجعة كاملة للتعريف بواقع التعليم في القطاع الحكومي، وعرضه على شرائح المجتمع المستفيدة، فهذا بالتأكيد سيحل كثيرا من الضائقات المالية التي يعاني منها البعض ممن يلجؤون لدفع مبالغ باهضة في مدارس أعتقد بأن مستواها متدني مقارنة بالتعليم الحكومي وفق الملاحظات الأولية.
تمنياتي لهذا البلد الآمن بمزيد من الازدهار والنجاح والاستقرار.