إعداد - عبدالمحسن المطيري:
يقدم لنا فيلم «Rashomon» من إخراج الياباني الفريد أكيرا كوروساوا قصة مقتل سيدة يرويها ثلاث أشخاص بشكل مختلف ولا نعرف أياً منهم يحكي الحقيقة. في هذا الفيلم صنع لنا كروساوا قصة ونحن لجنة الحكم عليها نحن أقصد الجمهور الذي سيشاهد الفيلم بمعنى الثلاثة الذين يقدمون الحكاية لنا، يحكونها بطريقة كأننا في محكمة ونحن هيئة المحلفين.
مخرج الفيلم كروساوا لم يعط رأيه ولم يقدم أي مساعدة تذكر أو حتى تلميحات عن الشخصية التي تحكي الحكاية الأقرب للحقيقة، تفاصيل الفيلم تبدأ بمجموعة من القصص يرويها ثلاث شخصيات رجلان وفتاة واحدة، يقدمون جميعهم قصة لأحداث وقعت في الماضي بمعنى أن الفيلم يقدم نفسه بزمنين مختلفين الحاضر والفلاش باك ممثلاً بالماضي، وفي نهاية الفيلم يحكم الجمهور على القصة الأقرب أن تكون حقيقية.
كل قصة يتم رواياتها تأتي مع مشاعر مختلف، فمثلاً أحد الشخصيات في الفيلم يحكي قصة بطريقة ذكية، وأسلوب سلس وجذاب. يقدم المخرج أكيرا كروساوا من خلال هذا الفيلم نمطاً جديداً في السينما العالمية وهو سينما التفاعل، بمعنى يجبر الفيلم المشاهدين على التفاعل مع أحداث الفيلم، بل وإدخالهم مع الشخصيات بصفة الحكم أو القاضي أو هيئة المحلفين.
العمق في السينما يكمن عندما يجبرك أي فيلم كان على التفكير بعد نهايته، وهذا ما صنعه باقتدار المخرج أكيرا كروساوا. الفيلم يبرز أيضاً كمدرسة جديدة في أسلوب الراوي، يقدم أسلوب مونتاجي جديد، وأيضاً زوايا وطرق مبتكرة في التصوير، يعتبر الفيلم في نظر الكثير من الأكاديميين مرجعاً هاماً للسينما، ونقلة نوعية استفادت منها كل أفلام العالم، ولازال بعض المخرجين متأثرين بالمدرسة الكروساوية حتى يومنا هذا.