أود التعليق على الرسم الكاريكتوري الذي كان في الصفحة الأخيرة من عدد 15 أغسطس 2015م فلا نحمل أنفسنا على محمل الأفضلية، فقد خلقنا الله على فطرة، ومن طبع كل إنسان فينا الخطأ، ومنا من يعتذر عن الخطأ ومنا من يكابر ولا يرى نفسه على خطأ، أصبح الفكر البشري لا يرى الخطأ، بل يعتبره صواباً وغيره عكس ذلك، فأصبحت ظنونه هي الصحيحة وأفكاره هي السليمة، وحس الشعور بالآخرين معدوم، فيرى أنه هو الأفضل والأجمل حتى لو وضع غيره في موضع الشك أو التشويه حتى لو خسر جميع من حوله.
وصفة حسن الظن لا بد أن تكون في داخل كل شخص حتى لو علم بخبث غيره، ربما بحسن ظنه يكف شر من يريد به الشر، فالإنسان لا يعلم أن حسن الظن يجلب الخير، ويريح القلب، ويجذب محبة الناس له، فالأفكار السيئة لا تقع في النهاية إلا على رأس صاحبها، وبعكس التفكير الحسن ومخافة الله في ذلك، لأن ظن السوء قد يظلم أشخاصاً عدة وهم في الحقيقة أبرياء، من الواجب على الإنسان أن ينظر نظرة عفو ونظرة خير، ويبتعد عن كل الأمور السلبية التي لا تفيد نفسه وتضعه في دائرة الوساوس والتعب والذنب الذي يحبط العمل، فأين حضارة الفكر وأين المنادي إليها؟.. لقد غاب ذلك الموجه والداعي إليها، فأصبح الناس يتعاملون بطريقة التوقع، «أتوقع أنه لم يفعل ذلك لأنه لا يريدك بصحبته، وأتوقع بأنه سخر منك لأنك قبيح، وأتوقع أنه لم يعجبه شكلك، وأتوقع وأتوقع».. حتى امتلأ القلب من الحقد.
فلماذا لا نشعرهم بحب الآخرين لهم ونملأ القلوب من الإيجابية الغائبة بدلاً من الظن السيئ الذي لا يحمل سوى الكره والحقد؟ لماذا لا نقول لهم إن لكل شخص سبعين عذراً فربما لم ينتبه أو لم يقصد ذلك؟.
حسن الظن هو حضارة فكرية غائبة، لا نعلم ما سبب ذلك الغياب إلا أننا نحتاج إعادة نظر في ذلك، فمن الآن وصاعداً اعتبر حسن الظن هو قلبك الذي ينبض بداخلك، ودع ظنون الآخرين السيئة لرب البشر، تذكر أن حياة قلبك لك أنت، وظنك الحسن هو عملك أنت لا عمل غيرك.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} والمراد بالظن: التخمين بوقوع شيء ثم يبني على ذلك الظن أشياء ليس لها حقيقة، فيسبب ذلك عداوة وبغضاء. وكذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيحين، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث».
وقد قال أبو قلابة: إذا بلغك عن أخيك شيء تكرهه فالتمس له العذر جهدك، فإن لم تجد له عذراً فقل في نفسك: لعل لأخي عذراً لا أعلمه، ولذلك نص العلماء على وجوب تجنب الظنون السيئة وحمل الناس على المحامل الحسنة، وطرد ما يلج للخاطر من أوهام وظنون، وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيراً، وأنت تجد لها في الخير محملاً. إذاً تذكر دائماً حياة قلبك لك أنت، وظنك الحسن هو عملك أنت لا عمل غيرك.
نجوى الأحمد - الرياض