لو يمر العمر كله في شجن
لو ابات الليل ما اذوق الوسن
كل شي مقبول.. كل شي معقول
كل شي.. كل شي
الا فراقك يا عدن
(أغنية)
عندما غنى المغني وجع الغياب عن عدن كان يشتكي الفقر والترحال الذي طوح به بعيداً عن عدن.. عدا ذلك لا أحد يغادر عدن هذا النورس الراقد على مجمع البحرين والذي ظل على المدى يلوح للذاهبين نحو بلاد البهار والبن والقادمين من كل الدنيا يتزوّدن منها الماء والوقود ويستدلون على الطريق ويمضون.
كانت عدن تعرف أن الغرباء لا يقيمون طويلاً.. وأن الحنين قيامة تقوم كل يوم وأن ما يكتب على الماء يمحى.
كانت مشكلة عدن على الدوام أنه لم يكن لديها الوقت يوماً لتتعلم كيف تحارب...كانت مشغولة بالبخور والكحل والنقش اليماني وعندما يفيض لديها القليل من الوقت تهرب للماء تبلّل جدائلها في البحر الذي يطوّقها من جهاتها الثلاث وفي ما تبقى منه تصفي العسل الحضرمي أو تغني..كان الغناء اليماني وما زال وتر أشواقنا المقطوع.
وكانت تراهن على أن البحر لا يخون ولا الجار يفعل وأن الغزاة سيرحلون يوماً وأن أحفاد ذي ريدان وذي يزن تعلموا الصبر.. الصبر الذي ذهب بهم بعيداً على صفحة الماء لآخر المدى.. لسواحل الهند وجزر الملايو مبشِّرين بفضيلة التسامح ومحتمين بالصدق والفضيلة وبروح عدن.
لكن الطعنة هذه المرة لم تأت من الغريب..جاءت من القريب.. من الجار الذي طالما سببته له عدن قلق الغيرة والحسد.
هي تسهر حتى الفجر للغناء والنشيد وانتظار العائدين من غياباتهم...
وهو يسهر ليحشو البندقية بانتظار الطريدة..
هي تشعل المصابيح وهو يطفئها لأنه يعرف أن القبح لا يحيا إلا في الظلام تعب هو من الترقب ولم تتعب هي من الرقص
وكان يعرف أن الجميلة دون أظافر وأعاد الجار الخيانة مرة أخرى
في عقد واحد إستب عدن مرتين..
والغباء يعمي ولم يكن يعرف أن العالم تغير
وأن النخوة العربية لم تمت..وأن العهد عهد سلمان
وقاومت عدن..رجال عدن..نساء عدن..أطفال عدن..أحرار عدن..وكانت تغني (والله ورب العرش ما نخضع للطاغي الفاسد وأعوانه لو السماء من فوقنا تولع والكون يتزلزل ببركانه).
(https://www.youtube.com/watch?v=_ZHrZtIPllI )
مئة يوم وعدن تقاتل وأقسمت أن تفنى ولا تهزم..ولم تنهزم.. وانتصرت.
هذه المرة لم تكن عدن وحدها كان معها ملك للنخوة وشهامة العرب.
واليوم عدن تتنفس حرية ودم الشهداء يروي بساتين المعلا ولحج ونخيل وادي المسيلة.
والشكر لله ثم لمليكنا سلمان الذي أعاد الجناحين لطائر النورس وأعاد لعدن الكرامة والشهية للحياة.
- عمرو العامري