عبدالعزيز محمد الروضان ">
ليس هناك حضارة بهرت العيون إلا وقبلها تعليم هادف متين، إذاً فهناك علاقة طردية بين الحضارة والتعليم فكلما علا كعب التعليم نالت الحضارة قدح المعلا وحازت قصب السبق بين الأمم، وإذا قدر لك وامتدت يدك إلى مقرر دراسي في عالمنا العربي فستجد فيه عيب و مثلب لا يمكن أن نغض الطرف عنه بأي حال من الأحوال!! وهذا العيب يتمثل في الحشو الذي لا ينفع ولا يضر.. إن المتتبع لمقرراتنا الدراسية في العالم العربي يرى فيها معلومات يوضع الإنسان في قبره ولم يشهدها في أرض الواقع ولا ميدان التطبيق ومثل هذه المعلومات كان وجودها على حساب معلومات ومعارف أخرى لابد للطالب أن يدركها لأنها سوف تواجهه في معترك حياته العملية.. ولكن حينما تزاحم مثل تلك المعلومات التي لا طائل منها فإن الطالب لن يتسنى له إدراك تلك المعلومات الهامة. وبعض مقرراتنا التعليمية في أوطاننا العربية تمثل حجر عثرة في دروب التنمية وهياكلها المختلفة.. فالطالب عندما يمارس العمل في الميدان نشاهد أنه لم يدرك تلك المعلومات والمعارف التي هو بحاجة ماسة إليها في ميدان العمل وحقول الإنتاج المختلفة.
ذات يوم صحبت شخصاً إلى أحد الأسواق التجارية وكان هذا المتجر قد خفض في سلعته بنسبة ثلاثين بالمئة فقال لي صاحبي إذاً كم تكون السلعة بعد هذا التخفيض؟! فيما أن صاحبي هذا كان قد خاض غمار التعليم العام ومعه الشهادة الثانوية بقسمها العلمي. لماذا هذا الشخص وغيره لم يعلم هذه المعلومة كل هذا سببه ما قلته آنفاً وهو الحشو المفرط في المعلومات جعلت هذا الشخص وأمثاله كثير لا يدركون شيئاً مما تعلموه على مقاعد الدرس وعلى ذلك قيسوا جميع مقررات التعليم.
إن التعليم بنوعيه إذا كانت مدخلاته الضرورية تزاحمها أشياء ليست ذات جدوى فكأن الطالب وقع حينها في قول القائل (لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قطع) وهذا حال بعض مخرجات التعليم، وبهذا فعلى وزارات التعليم في أوطاننا العربية أن تنظر لهذه المشكلة نظرة جادة وصادقة حتى نتدارك الوضع وتعود العربة لتسير في مكانها الطبيعي. فالعالم المتقدم لاسيما دولة اليابان أدركوا أن حشو المقررات الدراسية معيق للتنمية في بلدانهم لذا فإنهم لم يعلموا طلابهم إلا تلك المعارف والعلوم التي لها وجود على أرض الواقع ومن ثم كانت مخرجات التعليم معاول بناء في هياكل تنميتهم المختلفة، فأحرزوا قصب السبق وقطعوا شوطاً بعيداً في ميدان الصناعات.. وثمة شيء آخر قد قفز إلى ذهني وأنا أكتب هذا المقال ألا وهو أن التربية هي الفيصل أحياناً في مدخلات التعليم وأهدافه الجوهرية فضبط مخرجات التعليم وتهذيبها وصقلها لتخوض معارك الحياة هدف أساسي يجب العناية والاهتمام به، وهناك شيء لابد من ذكره لاسيما في مقررات الدين ألا وهو ألا يوضع تحت يد الطالب سوى تعاليم دينية تكون من ثوابت الدين التي اُستقيت من أصوله الأساسية والنأي بالطالب عن اختلافات العلماء التي تشتت فكر الطالب وتنداح به بعيداً عن الفهم الصحيح. وأن يتم تزويد عقل الطالب بالأفكار وإيجاد علاقة مناسبة بين هذه الأفكار والتأليف بينها. وأخيراً ومن واقع التعليم في أوطاننا العربية فإني أتمنى أن يجد من الاهتمام ما يستحق.
والله يحفظ الجميع.