رياضة حائل تودع داعمها الأول ">
حائل - فرحان الجارالله:
غيب الموت في لحظات مؤلمة رجل الأعمال الشيخ علي بن محمد الجميعة -رحمه الله- ولم يغيب سيرته العطرة وأعماله الجليلة وعطاءاته الكريمة وأثره المشهود الذي أودعه قلوب الناس التي تنبض بالحب والوفاء لرجل شهم اتسع قلبه للناس.
رحل المواطن الإنسان علي بن محمد الجميعة وترك وراءه إرثًا هائلاً في الوطن من أعمال البر والخير والإحسان..
رحل العنوان الأمثل والنموذج الأجمل للمواطن الصالح وللإنسان الفاعل المتفاعل مع هموم وقضايا مجتمعه..حيث يعد الشيخ علي بن محمد الجميعة -رحمه الله- أحد رواد العمل التطوعي والاجتماعي بالمملكة العربية السعودية وصاحب الأيادي البيضاء الداعمة لحفظة كتاب الله والداعم بسخاء للجمعيات الخيرية وجمعية رعاية الأيتام والكراسي العلمية والبرامج التدريبية للشباب وللأندية الرياضية والمجالات الصحية والطبية والاقتصادية والزراعية والاجتماعية والثقافية ومن أوائل من أسس الشركات التنموية والاستثمارية الداعمة لاقتصاد الوطن، وكان من ضمن كلماته رحمه التي كان يرددها دائمًا «أن من أهم النعم والمقدرات التي أنعم الله بها على وطننا المعطاء هي نعمة التمسك بالشريعة الإسلامية»، سائلين الله أن يجعل ما قدمه في موازين أعماله..
نقي.. متدفق العطاء..بذل بسخاء.. وقدم لوطنه عن طيب خاطر ونفس راضية.. يحب الخير ويسعى له.. وسيظل اسمه محفورًا بذاكرة التاريخ نظير أعماله التي أصبحت شواهد وبراهين على حجم ما قدمه منذ سنين طويلة..كتبها الله بموازين حسناته..
حينما كان يذكر اسم هذا الشيخ فلن تسمع سوى كلمة واحدة «ونعم».. يقولها من سبق له مقابلته ومجالسته.. ويقولها من لم يكتب له بمقابلته ولكنه يسمع عن صيته بأفعاله وأقواله وبذله وطيبته وتواضعه وفكره وسيرته التي تذهب به إلى قائمة الرموز والنوادر..
اللحظات التي تلقى بها محبو الشيخ علي الجميعة -رحمه الله- نبأ وفاته كانت الصدمة كبيرة والحزن عميقًا حل على قلوب الجميع لكنه قضاء الله وقدره فانطلقت الدعوات من القلوب المكلومة بالرحمة والمغفرة للشيخ الوقور أبوفهد..
سيرة أبي فهد صفحات من النقاء مليئة بالبذل والعطاء
من الصعب فعلاً الإلمام ورصد مجمل العطاءات والمبادرات وحجم الإنفاق الذي قدمه الشيخ علي بن محمد الجميعة طوال السنوات الماضية التي صبت في سبل الخير وفي اتجاه الأعمال التطوعية والاجتماعية والثقافية والرياضية، فالأرقام هائلة والأعمال الجليلة لا تحصى والمبادرات لا يمكن حصرها.. أما في المجال الرياضة ومن خلال دعمه -رحمه الله- للشباب عبر الأندية الرياضية بمنطقة حائل ودعم أنشطتها التي تصب في مصلحة الشباب ومرتادي تلك الأندية.. فبذله وعطاءاته الكريمة كانت المنقذ بعد الله للأندية وإداراتها في كل الأزمات المالية والعقبات الإدارية بفكره وحكمته وإسهاماته وبصماته التاريخية.. وسجل حالة متفردة بترؤسه لهيئة أعضاء الشرف بقطبي حائل ناديي الطائي والجبلين، ولم يقتصر دعمه على هذين الناديين بل امتدت وقفاته لأندية المنطقة الأخرى أيضًا، وكان حريصًا ومشددًا على أهمية التكاتف وتغليف المصلحة العامة من أجل خدمة الشباب بالمنطقة.. وتبرع بملايين الريالات دعمًا ومساندة منه للأندية الرياضية انطلاقًا من إيمان راسخ بأهمية دور الرياضة والشباب لخدمة الوطن والمجتمع، ولم يكن حريصًا على الظهور الإعلامي، زاهدًا عن الإعلام، بل إنه كان -رحمه الله- كثيرًا ما يرفض الإدلاء بالتصريحات..
حتى إنني أتذكر ذات مرة حين ألححت عليه بطلب تصريح صحفي بعد أحد الاجتماعات قال لي بالحرف الواحد وبصوته الخافت: يا ولدي عندك الشباب لهم حق علينا وعليكم بإظهار إنجازاتهم ومواهبهم وقدراتهم في صحفكم..
وكان حين أعياه المرض يكلف ابنه البار رجل الأعمال زياد علي الجميعة بالتواصل مع مسؤولي الأندية والالتقاء بهم والاطلاع على احتياجاتهم واستمرار هباته وتبرعاته السخية، وخصوصًا أن الأستاذ زياد الجميعة له هو الآخر إسهاماته وخدماته الكبيرة مع الأندية الرياضية سواء ماديًا أو عمليًا من خلال العمل بمجالس إدارات نادي الطائي وكعضو شرف فاعل بناديي الجبلين والطائي..
وكان -رحمه الله- لديه نظرة شاملة بأهمية استثمار طاقات الشباب وتهيئة السبل الممكنة لكي يستفيد الوطن من هذه الشريحة المهمة بالمجتمع وكيفية تطويرها وصقل مواهبها، وهنا أتذكر من ضمن أحد تصريحاته عن الشباب حين قال: المجتمع لا يستغني عن الشباب فلماذا لا نساعد الدولة في الاستثمار الأمثل لهذا القطاع الحيوي؟، العطاء لهذه الأندية يعني مساعدة ملايين الشباب على وجود أماكن صحية لهم، أين دورنا في هذا المجال؟، هل يقف فقط على تسديد الاشتراكات؟، هناك مجالات عديدة يستطيع المواطن الاستثمار فيها لمساعدة الدولة وتطوير المجتمع، وأي مشروع مهما بلغت تكلفته ما دامت فيه فائدة للوطن وللمجتمع ينبغي دعمه، أتمنى من كل مواطن أن يضع إبهامه على قلبه الذي ينبض بين جوانحه وأن يدرك أن أية نبضة تنبض هي زمن يذهب بلا عودة وأن يدرك أنه أمين عليه، وأن يبحث عن الكيفية التي يفيد بها مجتمعه، المجتمع بحاجة ماسة ويجب علينا أن نعيد النظر ونقف لنتكلم، كنا بحاجة إلى العلم والعمل والتثقيف وهذه متوافرة، أنا أرى وأسمع وأشاهد وأقرأ، نحن في وضع يختلف عن أي بلد آخر..
رحم الله صاحب الأيادي البيضاء ورائد العمل الخيري والاجتماعي والثقافي والرياضي الشيخ علي بن محمد الجميعة وأسكنه فسيح جناته، اللهم يمّن كتابه، ويسّر حسابه، وثقّل بالحسنات ميزانه، وثبّت على الصّراط أقدامه، وأسكنه في أعلى الجنّات بجوار حبيبك المصطفى محمد صلّى الله عليه وسلّم والهم أهله وذويه وكافة محبيه في جميع أرجاء الوطن الصبر والسلوان..
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.