الهنوف صالح الدغيشم ">
لطالما قرأنا وسمعنا الحديث النبوي الشريف: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) فالأخلاق الكريمة المعروفة قبل الإسلام من الجود والكرم وإغاثة الملهوف وحفظ حق الجار ومساعدة عابر السبيل جاء الإسلام ليعلي من اعتبارها ويتممها ويحذر من سلوكات سلبية ويمنع الظلم والبغي مهما تفاوتت درجاته واختلفت مجالاته.
فإطعام قطة أو سقياها سلوك محمود عليه أجر بينما حبسها أو ترك صبي يعذبها سلوك مذموم عليه آثم.. وهذا مبدأ أخلاقي رفيع؛ وإن بدا صغيراً؛ يمكن توسيعه وتعميمه ليكون نبراساً في تعاملات متعددة ليس مع الحيوان ورعايته فقط بل ومع البشر كنوع وإن اختلفت ثقافاتهم وأديانهم أو مستوياتهم الاقتصادية.
يرى مثقفون وفلاسفة بحثوا في الأخلاق أن الضمير هو أهم مقومات النظام الأخلاقي لدى الإنسان.. ويعرف الضمير في معجم لالاند الفلسفي: أنه خاصية العقل في إصدار أحكام معيارية تلقائية ومباشرة على القيمة الأخلاقية لبعض الأفعال الفردية المعينة.
ولكننا حينما نتأمل سلوكيات المجتمع، نجد لدينا قصوراً في الالتزام بهذه الأخلاقيات والسلوكيات الحسنة.
هل يمكننا أن نقيم أخلاقنا من خلال تقييم قيادة السيارات؟.. والالتزام بالقوانين من خلال حس داخلي بالمسؤولية، ومراعاة الآخرين وتخفيض حس الأنا العالية؟.
ماذا لو قيمنا الأخلاق في تويتر كقراءة اجتماعية انتقادية، لماذا يسهل التنصل من الأخلاق حين الاختفاء خلف اسم مستعار؟.. لماذا يغيب هذا الضمير؟.. ويصبح الإنسان متصالحاً مع مشاعره المليئة بالكره والحسد ولا يخشى ولا يخجل من إظهارها علناً؟.
يحكي أحد الآباء الظرفاء في تويتر أن بيته قريب من المسجد، وحينما يخرج المصلون من الصلاة يرمون علب الماء والمناديل في أحواض الورود، مما يجعلني أتساءل عن سبب غياب الحافز الداخلي بالمسؤولية رغم الالتزام بالجوانب الدينية؟.
إننا مجتمع متدين، لكن سلوكياتنا الحسنة متدنية، فلدينا قصور في جوانب متعددة، كنظافة المرافق العامة، والاهتمام بالبيئة، رغم أنه واجب اجتماعي تكافلي، ولعل الإشكال يأتي من أن الالتزام الأخلاقي والإحساس بالواجب ينحصر؛ في وعينا؛ بالجوانب الدينية كالعبادات وليس ذا علاقة بالتعامل و لسلوك مع الغير مع أننا ندرك الحديث النبوي (الدين المعاملة).
في تأمل بسيط يمكن أن نستنتج بديهياً أن الأخلاق ليس مصدرها الدين فقط أو فهمنا الديني على الأقل، فمن صفات وأخلاق العرب قديماً قبل الإسلام ماكان حسنا، وقد يكون تعامل أجيالنا السابقة مع البيئة والصحراء بغطائها النباتي الفقير أفضل من تعامل الأجيال الناشئة التي أثرت عليها نزعة الاستهلاك والتمتع لكن المتأمل في المجتمعات الغربية يلاحظ حسها العالي نحو البيئة والنظافة رغم طابعها الاستهلاكي وميولها نحو أنماط المتعة، وقد يكون ذلك حافزه الالتزام بالقوانين بغض النظر عن الدين الذي لا يعنيهم كثيراً، ندرك أن علينا نفعل أهمية الأخلاق والسلوكيات، وإحياء الضمير في مجتمعاتنا، لنقوم بنهضة علمية اجتماعية تكافلية.