محمد بن فهد العمران
في النصف الثاني من عام 2014م، أصدر صندوق النقد الدولي تقريراً تحدث فيه عن المخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي، وكانت نتيجة هذا التقرير تعرض أسعار السلع العالمية ومن أهمها النفط لهبوط حاد هبط فيها من مستويات فوق 90 دولاراً للبرميل إلى ما دون 50 دولاراً للبرميل، ثم أعقب ذلك خلال 2015م هبوط فعلي في معدلات النمو الاقتصادي للعديد من الدول الناشئة تصدرته دول الصين والبرازيل وروسيا وجنوب إفريقيا وتركيا، آخذين في الاعتبار أن من كان يقود نمو الاقتصاد العالمي في العشرة الأعوام الأخيرة هم في واقع الأمر الدول الناشئة. عندما هبطت أسعار السلع العالمية أثناء الأزمة المالية العالمية عام 2008م كانت مخزوناتها تنخفض أيضاً، مما دل على وجود طلب قوي كان يستغل هبوط الأسعار لشراء السلع، وهذه بلا شك كانت إشارة على أن الأنشطة الصناعية حول العالم في وضع مطمئن برغم وجود تلك الأزمة، إلا أنه مع الهبوط الحالي لأسعار السلع العالمية منذ 2014م فإن مخزونات السلع (وتحديداً سلع الطاقة كالنفط والسلع المعدنية كالحديد والنحاس والألومنيوم إلخ) تشهد ارتفاعات إلى مستويات تاريخية تعطي بذلك إشارات أولية عن ضعف الأنشطة الصناعية التي يبدو أنها لم تستغل هبوط الأسعار بالشكل المطلوب حتى الآن. بحكم أن اقتصادات الدول الناشئة تعتمد بشكل كبير على الأنشطة الصناعية، فمن الطبيعي أن نقول إنه في حال وجود ضعف في الأنشطة الصناعية حول العالم فإن الدول الناشئة حتماً ستتأثر سلباً بسبب ذلك، وهذا بدوره يؤكد ما تضمنه تقرير صندوق النقد الدولي من مخاوف لتباطؤ النمو العالمي. وأعتقد أن بوادر دخول أسواق السلع العالمية واقتصاديات الدول الناشئة فعلاً في دورة اقتصادية جديدة أصبحت واضحة الآن مع تباطؤ معدلات نموها، والذي قد يتحول مستقبلاً إلى الانكماش بعد دورة طويلة وتاريخية من النمو الاقتصادي القوي استمرت في بعض الدول لأكثر من عشرين عاماً (كما في حال الصين).
بالنسبة للمملكة، فلا شك أن الدورة الاقتصادية التي ستعيشها المملكة مستقبلاً ستعتمد بشكل كبير على الدورة الاقتصادية التي ستعيشها أسواق النفط العالمية ونوعاً ما الاقتصادات الناشئة، وأكثر ما أخشاه أن دخول الاقتصادات الناشئة في دورة اقتصادية جديدة سيؤثر سلباً على جانب الطلب في أسواق النفط العالمية، فيما لا تزال هذه الأسواق تعاني من فوائض كبيرة في جانب العرض، والأهم أنه أصبح من الصعب جداًً أن نشاهد متوسط أسعار النفط العالمية مستقبلاً تتجاوز حاجز 70 دولاراً للبرميل، وربما 60 دولاراً للبرميل، لأن ذلك وببساطة سينعش صناعة النفط الصخري مجدداً، ومع الوقت سيسهم تدريجياً في خفض المستوى السعري الذي سيعيد صناعة النفط الضخري للانتعاش.