منذ عجز الميزانية الأول الذي أعقب انهيار أسعار النفط في أكتوبر 1983، قامت الدولة بتمويل العجز عن طريق إصدار سندات الدين الحكومي، وتم بيعها للبنوك ثم لاحقاً لمن رغب من كبار المستثمرين، حيث إنه من سياسة الدولة الثابتة عدم الاقتراض من الخارج أو إصدار ضمانات مالية سيادية سواء مقابل قروض أو تنفيذ مشاريع لحساب الدولة من حكومات أو شركات أجنبية، وكانت هذه السياسة المعمول بها منذ تأسيس وزارة المالية ومن ثم مؤسسة النقد وحتى تاريخه.
اليوم نمر بالأزمة نفسها والتي من المتوقع لها أن لا تطول، إلا أن ذلك غير مؤكد، ومنذ الثمانينات تطورت أدوات تمويل العجز المالي أو الدين الحكومي على مستوى العالم وتم تطوير حلول ماليها إبداعية وعملية تحافظ على الاحتياطيات المالية للدول بل تنميها رغم ما تواجهة من عجز في الموازنة، وذلك للمحافظة على معدلات التنمية والنمو الاقتصادي، وهنا استعرض بعض هذه الحلول التي يمكن أن تستخدمها الدولة مع المحافظة على مستويات الإنفاق ومنع توقف تنفيذ أو تعطيل مشاريع التنمية الإستراتيجية.
أولاً: إصدار سندات خزينة قصيرة ومتوسطة الأجل وبيعها للمؤسسات المالية وكبار المستثمرين من الأفراد والشركات مع إمكانية تداولها في برامج التجارة العالمية (PPP).
ثانياً: إصدار صكوك أو سندات مالية لتمويل المشاريع سواء للوزارات أو الهيئات أو المؤسسات العامة مع إمكانية تداولها في برامج التجارة العالمية (PPP).
ثالثاً: تخصيص مشاريع الخدمات العامة مثل مشاريع الصرف الصحي والمياه والكهرباء والنقل والجامعات والمستشفيات وتلزيمها للقطاع الخاص على أن تقدم ما قيمته عشرة (10%) من قيمة المشروع ليقوم المستثمر بتمويل المشروع عبر برامج منصات الاستثمار الخاص الدولية (ppp) private placement platforms. وأنظمة المتاجرة العالمية.
والتي تقوم بها مؤسسات مالية ودولية متخصصة تحت رقابة الاحتياطي الفدرالي الأمريكي والبنك الأوربي المركزي والعديد من المؤسسات والمنظمات الدولية المتخصصة في الرقابة المالية الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
رابعاً: دعوة شركات ومؤسسات مالية دولية للاستثمار المباشر في مشاريع البنية التحتية والصحة والنقل والمواصلات والتعدين والخدمات العامة بنظام البناء والتشغيل ثم التحويل (BOT) أو نظام البناء والتحويل والتشغيل (BTO).
خامساً: إصدار سندات دولية بقيمة مليار دولار للسند الواحد، وذلك لتنفيذ المشاريع الخدمية الكبرى مع منح المستفيد وحامل السند حق الاستثمار والمتاجرة بالسند عبر برامج (PPP) الدولية مثل سندات الحكومية الأمريكية والسندات الدولية الفنزويلية والسندات الحكومية البرازيلية متوسطة الأجل.
سادساً: تأسيس صندوق سيادي بمرسوم ملكي ومجلس إدارة محترف وتحويل (75%) من الاحتياطي للصندوق لاستثماره وفق ضوابط محددة وصلاحيات واضحة وعملية لأنه من الضروري إيجاد صندوق سيادي مماثل لصندوق النروج وصندوق أبوظبي بتأمين مستقبل أجيال القادمة وعدم الاحتفاظ بالاحتياط العام في وضع سيولة دائمة بل استثماره في أدوات استثمار قصيرة وطويلة الأجل لتأمين السيولة اللازمة عند الحاجة إليها.
باتباع هذه الأساليب المالية الإبداعية لن يمس احتياط الدولة ولن يتأثر الإنفاق الحكومي وتستمر عجلة التنمية والنمو في الازدهار ويستمر معدل توظيف القوى العاملة في النمو وسيتم إيجاد عشرات آلاف الفرص الجديدة بالعمل، ولن تحدث نكسات مالية أو اقتصادية أو اجتماعية تؤثر على الأمن الوطني.
هذا والله الموفق
أحمد بن محمد آل يوسف - مصرفي سابق - رجل أعمال - عضو جمعية الاقتصاد السعودية
amyalyousef@gmail.com