وفاء بنت ناصر العجمي ">
إن ظاهرة الاعتداء على الموظفين بصورة عامة والمعلمين بصورة خاصة تعتبر مؤرقة وتستوجب الدراسة والبحث في أسبابها ودوافعها وطرق معالجتها، نظرًا للتداعيات السلبية التربوية والاجتماعية والأمنية لهذه الظاهرة التي تعبر عن تغير واضح وملموس في انضباطية المجتمع لصالح العنف والانفلات الاجتماعي، حيث إن أسباب الاعتداء على المعلمين تعود لعدة عوامل، منها خلل منظومة القيم التي يمتلكها الطلبة، وعدم تناسب البيئات التعليمية في المدارس مع احتياجات الطلبة، فضلاً عن غياب نصوص قانونية رادعة بحق من يعتدي على المعلمين، وغياب العلاقة الحقيقية بين المجتمع المحلي والمدرسة نتيجة جهل المجتمع بأهمية دور المعلم في بناء الأجيال، كان المعلم للطالب في الماضي مصدر الإلهام ومحل الاحترام والتقدير، وكان هو المربي والباني والمرشد والمؤسس للجيل، وكانت له مكانة أكبر واحترام أكبر من قبل الطالب وذويه.
مشكلة العنف والاعتداء على المعلم سببها اختلاف النظرة للمعلمين، فمنهم من أصبح يعتبره مجرد موظف بالدرجة الأولى يعمل لديه مقابل مبلغ مادي، وآخرون يعتبرونه المربي والباني»، أن هذا الاختلاف أدى إلى تدني الاحترام بشكل كبير الى أن تفاقم الأمر إلى حد إهانة المعلم وأحياناً ضربه، حيث من الضرورة إعطاء المعلم حصانة تعيد هيبته، وفرض الأمن والأمان لمن يشاركون في بناء الجيل الذي يبني هذا الوطن.
يعيق العنف في المدارس قابلية المدرسة لتحقيق أهدافها وغاياتها، ألا وهي تربية الطلاب وتأهيلهم لتنمية قدراتهم وتطوير إمكانياتهم في بيئة سليمة آمنة.
وللعنف ضدّ جوانب سلبية وضارة على احترام الذات، وقد يخلق الرغبة في العزلة والانطواء أو ربما التسبّب في العنف ضدّ طلاب آخرين، إن هناك طلبة يعتدون على المعلمين نتيجة الفراغ القيمي والروحي الموجود لديهم، فالبيئات التعليمية لا تتناسب مع احتياجات الطلبة وقدراتهم العقلية، لذلك يجب الابتعاد عن التعليم التلقيني والانتقال إلى التعليم التفاعلي، وبهذه الطريقة يصبح الطالب منهمكا بالعملية التعليمية.
وأعتقد بأن حل هذه المشكلة يكمن في إيجاد برامج توعية للأهل حول طريقة التنشئة الصحيحة للطفل، بحيث يمتلك قواعد واتجاهات إيجابية، فضلا عن إيجاد بيئات تعليمية تتناسب مع قدرات وإمكانيات الطلبة.
فالتعليم التلقيني الموجود حاليًا لا يتناسب مع الانفجار المعرفي، ولذا يجب الاتجاه نحو التعليم التفاعلي.
وأتمنى أن يحقق البرنامج العلاجي المعرفي الوقائي الذي أعلنت عنه وزارة التعليم برنامج «رفق» الإرشادي لخفض العنف في مدارسها لجميع مراحل التعليم المختلفة للبنين والبنات، خلال العام الدراسي 1436 - 1437 هـ.
ويشتمل البرنامج على العديد من الجوانب المعرفية والوقائية والعلاجية كالتعريف بالمشكلة وبيان أنواعها وفق العنف الجسدي، والعنف النفسي، وبيان أسباب العنف الشائعة، الأسرية والمدرسية، والنفسية والاجتماعية، بهدف إيجاد بيئة آمنة ومعززة للسلوك الإيجابي.
ويزود البرنامج الطلاب والمجتمع المدرسي والمجتمع المحلي بالعديد من الفعاليات والأساليب الوقائية على جميع المستويات المدرسية والأسرية والطلابية التي تسهم في منع حدوث العنف من قبيل البدائل التربوية البديلة للعقاب، واستهداف الطلاب الأكثر قابلية للعنف التي سيتم التبليغ عنها بالتعاون مع الجهات المختصة بوزارة الشؤون الاجتماعية.
- أكاديمية ومستشارة أسرية وتربوية ومدربة بمدينة الملك عبدالله للطالبات