إبراهيم بن فهد الفوزان ">
إن الغدر والخيانة منهج الدواعش «خوارج العصر»، وما حصل يوم الخميس الحادي والعشرين من شهر شوال 1436هـ إلا تأكيد على منهجهم الضال بالتفجير الآثم في مسجد قوة الطوارئ بمنطقة عسير والمؤمنون الآمنون يؤدون صلاة الظهر. فيرحم الله من استشهد ويعافي المصاب. ورد الله كيد المجرمين في نحورهم. الذين لا يردعهم دين أو عقل!!
والمتابع لبيانات هيئة كبار العلماء المتلاحقة تحريمها للأعمال الإرهابية، وتجريمها لأفعال خوارج العصر في هتك حرمات الإسلام المعلومة بالضرورة.
وتأكيد الهيئة على أن القيام بأعمال التخريب والإفساد (من تفجير وقتل وتدمير للممتلكات) عمل إجرامي خطير، وعدوان على الأنفس المعصومة، وإتلاف للأموال المحترمة، فهو مقتض للعقوبات الشرعية الزاجرة الرادعة، عملاً بنصوص الشريعة ومقتضيات حفظ سلطانها، وتحريم الخروج على من تولى أمر الأمة فيها.
وأنه يجب العناية بالعلم الشرعي المؤصل من الكتاب والسنة وفق فهم سلف الأمة، وذلك في المدارس، والجامعات، وفي المساجد، ووسائل الإعلام، كما أنه تجب العناية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتواصي على الحق، وإن الحاجة بل الضرورة داعية إليه الآن أكثر من أي وقت مضى.
وعلى شباب المسلمين إحسان الظن بعلمائهم، والتلقي عنهم، وليعلموا أن مما يسعى إليه أعداء الدين، الوقيعة بين شباب الأمة وعلمائها، وبينهم وبين حكامهم، حتى تضعف شوكتهم، وتسهل السيطرة عليهم فالواجب التنبه لهذا.
وعلى الرغم من كل البيانات والأحاديث من أعضاء هيئة كبار العلماء والدعاة وطلبة العلم عن الفكر الإرهابي والغلو والتطرف إلا أننا نلحظ انسياق مجموعة من شبابنا وراء الجماعات الإرهابية التكفيرية. وفي تصوري أن وسائل التقنية الحديثة زادت من ذلك سواء في (تويتر) أو (الفيس بوك) ووسائل التواصل الاجتماعي كلها عبر (الإنترنت).
من هنا يتضح أن هناك خللاً وفجوة كبيرة داخل المجتمع بيننا وبين شبابنا لا بد من بحثها والتقصي عن مواطن الخلل والزلل لرد الفجوة.
وقد استمتعت بقراءة الدراسة البحثية المؤصلة شرعاً، المدعومة تاريخاً، عن واقع الإرهاب في بلادنا لكاتبها الأخ الفاضل سلمان بن محمد العُمري ونشرتها صحيفتكم الموقرة يوم الأربعاء 6-10-1436هـ وحملت عناوين رئيسة عن ضرورة وجود استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب وبرنامج للتحصين وتفعيل مكارم الأخلاق في المجتمع.
وقد أصاب الأخ سلمان العُمري في ذكره عن حزم الدولة وعزمها في القضاء على بؤر الإرهاب من خلال تتبّعهم وتطهير المجتمع من شرورهم.
مستشهداً بمقتطفات من أحاديث لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز -حفظهما الله-. وأن الدولة ماضية في محاربة الفكر الضال ومواصلة جهودها لمكافحة الإرهاب وكل صور تمويله ومؤيديه.
إن مكافحة الإرهاب والمتطرفين ليست مسؤولية الأجهزة الأمنية فقط، بل هي مسؤولية مؤسسات الدولة والمجتمع كله، وذلك من خلال وضع برامج للتحصين وفق الطرح الموفق المسدد للأخ سلمان العُمري فالفكر التكفيري يغزو شبابنا وعدم تحصينهم جريمة، خاصة إذا نظرنا أن الإعلام المفتوح أسهم في زيادة نار الخلل الفكري لدى الشباب، ووسائل التواصل الاجتماعي تبث السموم ودعاوى للضلال.
إن الخوارج انحرفوا عن وسطية الدين، على الرغم من أن الإسلام حريص على إقامة مجتمع فاضل ونحن مقصرون في عدم إيصال رسالة الإسلام الوسطية. وهناك جهات حكومية تغرّد خارج السرب، فلا أثر لجهودها. وإن كان هناك ثمة تحرك فهي جهود خجولة وقتيّة، والعلماء رغم بياناتهم الجماعية فإن عليهم مسؤولية كبرى ولنقولها بكل صراحة حينما نقرأ أن على الناشئة الالتفاف حول العلماء الراسخين وتحذيرهم من الفتاوى الشاذة والمحرضة على العنف وسفك الدماء.. كيف يجد هؤلاء الشباب العلماء؟ وكيف يصلون إليهم؟ هنا معضلة كبرى بعُد المشايخ الكبار ونفورهم عن الشباب!! وكذا الحال من بعض الدعاة وطلبة العلم!!
إن على المؤسسات التعليمية عليا وتعليم عام مسؤولية لا تقل عن مسؤولية المشايخ فالمدرسة يقبع بها الطلاب ساعات طويلة قد تكون أكثر مما يجلسه الطلاب والطالبات مع أسرهم، فالمؤسسة التعليمية خط الدفاع الأول ضد الانحرافات الفكرية وقاية للطلاب من الأفكار الضالة المنحرفة، ونحن ننتظر من وزارة التعليم من خلال مشروعها الوطني (فطن) العمل الفاعل المستمر غير الروتيني، والآباء والأمهات معلّقين آمالهم على المؤسسات التعليمية، حيث إن أبناءهم أمانة لديها.
أما خطباء الجمعة فهم أقوى سلاح فكري في المجتمع المسلم حينما ينبري منبر الجمعة ويقوم بدوره ورسالته على الوجه المطلوب في التصدي لكل فكر دخيل خبيث يمس ديننا ووطننا وسلامته من أي شرور، حيث إن الواجب تعرية فكر الخوارج دون مهادنة وإيضاح حقيقتهم أمام الملأ والاستمرار في كشف أساليبهم وخداعهم للنشء والشباب، والتشنيع بمن يأجج شبابنا ضد بلاده وولاة أمره.
إن قضية أمن البلاد خط أحمر لا يجوز الاقتراب منها، ولا التساهل فيها. والتأكيد على ضرورة متابعة تفعيل البرامج من قبل الجهات المعنيّة وعدم الركون والاسترخاء حتى يكون هناك حادث ما يمس البلاد.
وأنا أناشد المجتمع بكل مؤسساته وقطاعاته وأفراده بضرورة التحرك سريعاً لتنفيذ الخطط والبرامج والإستراتيجيات لمواجهة الإرهاب، ومنها ما قدمه الأخ الأستاذ سلمان العُمري، وأنه لا بد من المتابعة الجادة لعمليات التنفيذ من جهات الاختصاص بعمل جماعي وفق برامج محددة وواضحة المعالم. والنزول ميدانياً لتنفيذ برامج الوقاية والتحصين على أرض الواقع. فكفانا خمولاً وكسلاً.
أسأل الله العلي القدير أن يحفظ بلادنا من شر الأشرار وكيد الفجار. إنه ولي ذلك والقادر عليه.