يوسف العوفي ">
بعد السلام عليك.. أنت هذا العام لست كما أنت في أعوامك السابقة، إِذْ هذا العام فضلاً عن أنك معلم ومربٍّ أنت مجاهد على ثغر من ثغور أمتك، تجاهد الباطل الذي يحيِّر طلابك وتتمثل الحق الذي يبحثون عنه، تضع فيهم عزيمة النصر والنجاح بعد التوكل على الله، وتبعث في أخلاقهم وتوجهاتهم الوسطية والمحبة لأهلهم ومجتمعاتهم.
سيسألونك كثيراً عن الأوضاع من حولهم.. أخبرهم بأن اليمن وليبيا ضاعتا بالجهل، وأن مصر وتونس عادتا بالعلم، وأننا آمنون بالدين بعد أمن الله لنا، وأن العلم رافعنا وهو ما سنحمي به ديارنا - بعد حماية الله - من أن تنزلق في مزالق الجهل والتمزق.. قل لهم إن القلم في المدرسة كالسيف في المعركة بل أمضى منه بالنفع والحياة، فلستم بحاجة أن تَهبّوا لنصرة دينكم وأمتكم عبر جماعات مشبوهة ودماء مسلمة ومعصومة بل بأقلامكم، وبما ستتعلمونه سينتصر الدين والأمة وتصل بلادكم للقمة، فما ساد الغرب علينا إلا بعلمهم فهو من أنتج لهم السلاح والقوة وأعانهم فيه جهلُنا، توجَّه لطلابك بقلبك وجميع جوارحك، واطلبهم أن ينشغلوا بما هو بين أيديهم عما بأيدي غيرهم، حسِّن شرحك لهم ومكِّن نفسك مما تعلمهم إياه، فهم يحترمون المُلِم بتخصصه ودرسه ويهبونه طاعتهم وإعجابهم، وإياك وانتقاد المنهج أو عناصر التعليم أمامهم وإن وجد الخلل، فالطالب لا يغريه منزوع الثقة والمهزوز بل يتعذر به عن التحصيل إِذْ هو دائم البحث عما يتذرع به.
كن لطلابك مزيجاً من عقل وعاطفة، فبعضهم يحتاج عقلك وبعضهم يحتاج عاطفتك وجميعهم بحاجتهما معا، عوِّدهم على التفاؤل واسرد لهم قصص النجاح والتفوق التي نجت وخرجت من بين ركامات الحروب والفقر والشتات ومن بين تشاؤمات الغابرين، لا تردد عليهم وامنعهم من ترديد أن الدنيا تغيرت للأسوأ، وأنها باتت مخيفة مضطربة في الآن والقادم، فالتشاؤم في القادم يفت العزائم لا يفتلها، صوِّر لهم مستقبلهم وضَّاءً مشرقاً كي تزيدهم حماسة في بنائه، وكن لهم القدوة الصالحة الناجحة فهم يرقبونك في كل شيء.
ثم أخيراً إياك سيدي المعلم أن تستهين بقدراتك في بناء جيل مثالي من خلال طلابك، فأنت أهل لذلك وإن تكالبت عليك الظروف والشقاوات.. بارك الله جهدك ونفع بك دينك ووطنك وأمتك.