د. محمد بن عويض الفايدي ">
إرادة القيادة السعودية ونهج الأمة وتوجهات المجتمع تتحد وتتوحد ضد هذه الجرائم الإرهابية برفض تام واستنكار قاطع للإجرام الأشر الذي يظهر في أشنع مظهر وأبشع منظر.
التهديد المجترئ على حرمات الدين والأمة والوطن، واستهدف جوهر التنمية الإِنسان وقتل الأنفس المعصومة دون مقدمات أو ذنب يقترف هو نفسه الإرهاب الذي يقوض معطيات التنمية واقتصاديات الدول ويدمر منجزات المجتمعات. الإرهاب الأشر يتلبس اليوم ويلتبس بثوب الدين ضد من؟ ضد أصل الدين، ومنبع الإسلام.
حجج واهية، وأسانيد باطلة، ودعايات تتداعى، وترهات تتهاوى تارة بإخراج المشركين من جزيرة العرب، وتارة أخرى بقتل الصليبين وتكفير الحكومة، وفي الاعتداءات الأخيرة على المساجد بإشعال الفتنة بين المسلمين السنة والشيعة.
تبرير هذه العملية الأخيرة التي حدثت في يوم الخميس 21 شوال من عام 1436هـ، واستهدفت مسجد قوات الطوارئ الخاصة في أبها أثناء تأدية صلاة الظهر بتبنٍّ من قبل تنظيم داعش المجرم الاشتقاق القاعدي المنحرف بماذا سيكون التبني! جريمة مغلظة وذنب شنيع قتل من؟ قتل من يحرسون ويوفرون الحماية والأمن والأمان لضيوف الرحمن في الحرمين الشريفين. الأبطال السبعة عشر الذين استشهدوا من قوات الطوارئ الخاصة بأبها تاج وطن تؤسس به الأمة ملحمة في مسيرة مجدها ليبقى أمن واستقرار أرض الحرمين الشريفين مناراً شامخاً يبعث الأمان والطمأنينة والسكينة لضيوف الرحمن، وكل من يقف على أرض المملكة العربية السعودية التي يزداد مجتمعها بكافة أطيافه بهذه الحوادث تماسكاً وتلاحماً وتوحداً مع قيادته في إعلان جماعي للعالم بأسره أن الأمة السعودية أمة واحدة موحدة ترفض وتدين الإرهاب بكل صوره وأشكاله وضروبه وممارساته، وتتحد في مصفوفة واحدة لاجتثاثه والقضاء على أسبابه وتداعياته.
حوادث الإرهاب ومشاهد القتل الظالم والاعتداء السافر على الحرمات التي ضلت كل السبل وتركت عالم الكفر والفسوق بفضائه الواسع ولم تجد إلا أرض التوحيد، ومنابر الأذان، وروضات المساجد والمصلين فيها من صغار السن المتدربين لحفظ الأمن وحراسة الفضيلة لتبث سمومها الحاقدة على هذه الأرض الطاهرة. ولكن لا ولن توهن هذه السلوكيات المجرمة في منظومة بسالة وشجاعة الشباب السعودي من الذكور والإناث، وستزيد هذه المشاهد من شجاعتهم وإصرارهم على الالتحاق بالمؤسسات التدريبية العسكرية منها والمدنية لمكافحة جرائم الإرهاب بسلاح العلم والتقنية.
الحصانة الفكرية ورفع كفايتها بما يجعلها الوسيلة الأكثر مضياً في السيطرة على ظاهرة الإرهاب لا زالت لم تواكب خط إجراءات التصدي لجرائم الإرهاب بالقدر المطلوب الذي يحول دون هذه التحولات الفكرية السريعة لصغار السن الذين يتم تجنيدهم وتحفيزهم فكرياً وتغيير مفاهيمهم وتوجيه سلوكهم والتحكم فيه في زمن يسير، عبر وسائل التواصل والاتصال المجتمعي والألعاب الإلكترونية التي من خلالها تنفذ العمليات الافتراضية وتوجه الهجمات وتتفادى الضربات وتنفذ التوجيهات، هذه مجمل قضايا تبدو حتمية المراجعة وتشديد الإجراءات.
وسائل الاتصال المجتمعي خاصة التويتر والفيس بوك أخذت مساحة واسعة لمساندة وتعزيز التنظيمات المقرضة وعنصر مساعد لتنظيم داعش في التجنيد والتأييد، وتوسيع دائرة التجريم والعقاب وسن القوانين الجامعة والمانعة بتطوير قانون المعاملات الإلكترونية السعودي وتوسيع محيط الضبط، وتعميق الأبعاد الجنائية ضد الممارسات الإلكترونية، وتوسيع دائرة التعاون الإقليمي والدولي مسائل لا تحتمل التأخير.
باتت قضايا التربية والتوعية والتعليم والتربية والتوجيه تدخل منحنى حرجاً لأهميتها البالغة في التصدي لخطر الجرائم الإرهابية المتعدية. وذلك بتفعيل دور الوالدين وزيادة نطاق المسؤولية الأسرية والاجتماعية، وإيجاد مساحة أوسع للتربية الجماعية التي توارت في ظل معطيات التحضر غير المتسق مع القيم الموجهة للسلوك.
تتضاعف المسؤولية التعليمية والتثقيفية والتوعوية على المعلمين والإعلاميين والكتاب والعلماء والمفكرين والخبراء والدعاة وقادة الرأي لدورهم الجوهري في معالجة مشكلة الإرهاب والتحذير من منزلقاته وبيان خدائعه وشراكه خاصة ما يتعلق بالولاء والبراء والجهاد من منظور الإسلام المعتدل الذي لا يبيح القتل والحرق والتنكيل ولا يقر الاعتداء على الحرمات والأموال والأعراض.
مؤسسات التنشئة الاجتماعية من أسرة ومدرسة وجامعة ومسجد ونظام تعليمي وقضائي وأمني وترفيهي ورياضي واجتماعي على كل ذلك مسؤولية مضاعفة للأخذ بكل الأسباب، والعمل بطاقة تراكمية للتصدي لمخاطر الإرهاب المتصاعدة.
خطاب الكراهية وتنمية الأحقاد من منظري الفكر المنحرف بتكريس التطرف والانحراف الفكري الذي يؤصل لفكر أحادي متطرف وسلوك منحرف ينطلق من معتقدات شاذة وفاسدة منقطعة الصلة بالدين الإسلامي، وبمنهج منحرف ترتكب تحت مظلته أبشع وأشنع الجرائم الإرهابية بملتبسات دينية منحرفة عن المنهج شاذة عن السلوك السوي، وبقناعات مزيفة تزين أفعال ضالة وسلوكيات منحرفة لأولئك الانتحاريين المجرمين الذين استباحوا حرمات المساجد، واستهدفوا المصلين أثناء تأدية الصلوات في سوابق إجرامية تتبناها تنظيمات إرهابية مغرضة لم يشهد المجتمع المسلم ابشع منها.
تتبنى هذه التنظيمات القيام بهذه الأعمال الإجرامية، وواقع الحال يُظهر المنفذين مجرمين معروفين سفهاء أحلام انحرفوا فكرياً، وأُجروا على القتل المتعدي باستدراج إجرامي سافر من تنظيم داعش الإرهابي الذي يمول ويدعم من إيران ونظام الأسد وحزب الله والأيدي العابثة لزعزعة أمن واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي والتمكين من مواردها.
التلاحم الاجتماعي، والأمان الاجتماعي، والتنافسية في رفع درجة الوقاية والحصانة الأمنية لكافة المؤسسات العسكرية والأمنية والدينية، وزيادة دور الكفايات للأجهزة المعنية بالتصدي للجرائم الإرهابية في دول مجلس التعاون الخليجي، من خلال التأسيس لبرامج تكاملية، تعطي مزيدا من التمكين والتمتين للمنظومات الأمنية بدمج خطط وبرامج المعالجة في منظومة شراكة وصهر للخبرات والقدرات في وعاء تشاركي تتسق فيه القوانين وإجراءات الضبط والتصدي لتجفيف المنابع وقطع كافة خطوط الإمداد والتمويل، ويُفعل فيه دور المواطن الخليجي ليصبح أكثر تفاعلاً وفاعلية في الوقاية من العمليات والمخاطر الإرهابية.
- خبير في مجال الفكر الاستراتيجي
Alfaidi1@hotmail.com