شاب وسيم، بهيّ الطلعة، يحمل بندقية الصيد بيديه ويمضي إلى غزال يجده وحيدا بين الجبال في إحدى الغابات.. يصوّب بندقيته إلى الغزال ؛ لكنه يتمهل قليلا ليعيد بندقيته إلى الخلف ويتأمل بعينيه ذلك الغزال؛ ليهرب الغزال فرحا بحياة جديدة سيعيشها؛ وليبتسم سعود ابتسامة الحياة التي أنقذت الغزال، مصوبا تلك الابتسامة إلى قلوب الملايين من المشاهدين الذين أحبوه.
لا أعلم لم ذلك المشهد حضر إلى ذهني وتمثل أمامي عندما صُدمت بوفاة الإعلاميّ البسّام الأستاذ / سعود الدوسري - رحمه الله -،أحيانا تنتابني حالة من الحزن الشديد على رحيل شخصيات مؤثرة مميزة ليس بيني وبينها أي صلة أو أي لقاء شخصي؛ سوى الإعجاب بتلك الشخصيّات وسعود من سلسلة تلك الشخصيات الرائعة المميزة الكثيرة الذين أحببتهم وحزنت جدا لوفاتهم؛ لما يتميز به من رقي وثقافة ونبل لمستها كمشاهد للعديد من برامجه الحوارية المميزة؛ ولدماثة أخلاقه العالية كما شهد له الكثير ممن عرفوه قديما وحديثا من مختلف الأطياف الفكرية والثقافية والإعلامية؛ ولعلي أقتبس ما قاله الدكتور عبدالله بن سليم الرشيد في إحدى تغريداته: «...درّسته في معهد الملز العلمي عام 1410هـ، وكان آية في الخلق والأدب « وتغريدة الإعلامي الدكتور فهد السنيدي :» عرفته منذ بدأ في الإعلام في الإذاعة، دمث الخلق، طويل البسمة، محب للآخرين، رحمه الله وغفر لنا وله ووالدينا والمسلمين « وتغريدة الأستاذ عبدالمحسن الحارثي –مدير عام إذاعة الرياض سابقا – «..رحم الله الزميل سعود الدوسري فقد عرفته عن قرب حينما أشرفت على تدريبه في إذاعة الرياض، فكان مثالا للأخلاق الرفيعة والأدب..».
تعمدت في مقالي أن أختار تلك التغريدات من بين الملايين منها للدلالة على أن النجومية والشهرة الواسعة لم تغير ذلك الطالب الخلوق في المعهد العلمي، والخلوق أيضا في أقوى الشاشات العربية بإطلالته المميزة والبهية كما إطلالته في المشهد الترويجي «البرومو» لبرنامجه المميز نقطة تحول الذي عرض في عام 2009 م بشهادة من عرفه لاحقا من زملائه في الإعلام.
بمنطق الحديث النبوي الشريف « أنتم شهداء الله في أرضه « هنيئا لك كل هذا الحب، وأسأل الله أن يسكنك الفردوس الأعلى وأن يتغمدك بواسع مغفرته ورضوانه.
ابتسامة سعود الدوسري ورحيلها المفاجئ «نقطة تحول» في ذاكرة تاريخ الإعلام العربي.
- حمد الدريهم