عبداللطيف بن محمد الحميدان ">
لم يذكر في التاريخ القديم والحديث أن هناك أمة نهضت وأسست حضارة وكتب لها أن تمر بأطوار الدول والممالك دون أن يكون لها منهجية واضحة المعالم تسير عليها وفق منظومة إذا فقدت أحد أركانها حدث الاختلال في التوازن وكانت بمثابة إنذار بعدم استمرار الدول والممالك وأولى هذه المنهجية لبناء الدول والممالك بطريقة حضارية هي بناء فكر الإنسان لأنه لا يمكن لأي أمة أن تنهض دون أن يكون هناك إنسان مبني فكره وفق أسس تشكلت عبر التاريخ بشكل تراكمي وفي تطور تاريخي مستمر وثاني هذه الأركان بناء المؤسسات الإدارية التي لا يمكن أن يتم بناؤها دون أن يكون هناك إنسان مفكر يستطيع أن يضع النقاط على الحروف وثالثا بناء المنظومة الاقتصادية التي لا يمكن أن تتبلور إلا وفق مؤسسات إدارية ممهورة بالفكر الإنساني وإذا اجتمعت الركائز الثلاث فلابد أن يكون لها ضابط أخلاقي يستطيع أن يوجه الفكر والإدارة والاقتصاد لخدمة الإنسان لبناء حضارة الدول والممالك ولنضرب مثالا حيا على أهمية هذه المنهجية من خلال قول الله عزوجل {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} (60) سورة الأنفال, فهل يمكن للإنسان أن يبني قوة عسكرية دون أن يكون لديه قوة اقتصادية وهل بالإمكان أن يكون لدى الإنسان قوة اقتصادية دون أن يكون لديه مؤسسات إدارية وهل يمكن أن تتشكل المؤسسات الإدارية دون أن يكون هناك مؤسسات فكرية وهل يمكن النهوض دون أن يكون هناك ضابط أخلاقي يضبط هذه الركائز لخدمة الإنسان ومن هذا المنطلق فإن أي أمة تريد أن تنهض عليها أن تبني فكر الإنسان أولا من خلال بناء المؤسسات التعليمية ثم بناء النظام الإداري وأنظمته الإدارية والقانونية ومن ثم بناء النظام الاقتصادي بطريقة صحيحة وقوية ثم إذا أراد الإنسان أن تكون له حضارة عبر التاريخ عليه أن يسعى إلى ضبط هذه الأمور بجانب أخلاقي وتربوي يسهم في خدمة الإنسان من أجل البناء الحضاري للدول والممالك.