عبدالعزيز محمد الروضان ">
أحياناً أُمعن النظر وأجعل عيني تتجول في الحضارة الغربية فأجد فارقاً وبوناً شاسعاً بيننا وبينهم في شتى مجالات الحياة المختلفة. وإذا أردت أن أتلمس السبب وراء هذه الاختلافات فإني أجدها تكمن في مبدأ واحد ولا غيره شيء وهو مبدأ الإخلاص وحسب.. وأحياناً أغض الطرف عن عقد مقارنة بيننا وبين الغرب، فأعلل لنفسي أن سبب هذه الفوارق تكمن في السنوات التي تفصلنا عنهم في ميدان الحضارة وممارساتها. نعم لا يمكن لي أن أُغفل ذلك فهم أقصد العالم الغربي قد مارسوا النشاط الحضاري قبلنا بزمن ليس بالقصير، ومع ذلك لا أعفي أوطاننا العربية من هذا التخلف! فمن الواجب أننا نزاول النشاط الحضاري ونمسكه بقرنيه بصورة وثابة فنبدأ من حيث انتهى الغرب.. كيف لا - وقد مهدوا لنا الطريق مكللاً بالورود فنرى مجالات النجاح فنسلكها ومكامن الفشل فننأى عنها. ولكن مع الأسف الشديد لم نستفد من تجارب الآخرين.. وعوداً على بدء إن كان وراء النضج الحضاري الغربي بل والشرقي مبدأ في العمل هو المسؤول عن كل نجاح فهو مبدأ الإخلاص، إن العالم النامي لم يول مبدأ الإخلاص في العمل أهمية تذكر وإن هذا المبدأ يكاد يتوارى أمام الأطماع الشخصية وتمجيد الذات المنحرفة فتطوح بمبدأ الإخلاص بعيداً، وهذا ما نشاهده في مشاريعنا وبنيتنا التحتية نحن العالم العربي!! إنك إذا أجلت ناظريك في البنى التحتية الغربية فإنك تلمس عن كثب أن هذه البنى أًتقنت بشيء واحد وهو الإخلاص الذي يصحب العمل، ومن ثم يظهر هذا المشروع أو ذاك على أحسن صورة. إن الوفرة المالية وملاءتها أحياناً لا تعوزنا نحن بلدان العالم النامي بقدر ما يعوزنا كما قلت سابقاً مبدأ الإخلاص. وبالمناسبة لن يكون لنا قدم سبق حضاري وكعب عال في الميدان الحضاري ونحن على هذه الشاكلة.. وإذا كنا أحياناً نبرر لأنفسنا أن سبب هذا التخلف أن الركب الغربي قد سبقنا بمئات السنين فإن هذا المبرر أحياناً يكون غيركافِ. إن العالم الغربي حينما يحسن ويخلص فيما يعمل فإنه يضع نصب عينيه أن بلاده قطعة من كيانه وأن صلاح بلاده هو صلاح لذاته، ولكن مثل هذا التوجه يُفقد عند الرجل العربي وهو أنه لم يثمن بعد حب الوطن ولم ينغرس في وجدانه. إن تقديس الأنانية والجشع العقيم إذا كان هو الفيصل عند الرجل العربي فقل على الدنيا السلام! إن الذات الغربية قد أدركت أن للوطن مكانة مرموقة ومن ثم يتعاطى حب الوطن فيما يقول وفيما يذر. إذا كان الحس الوطني منمبادئ التنمية وإيثار الأوطان فهو قبل ذلك مبدأ إسلامي يثاب عليه الإنسان ويعاقب،فخليق بنا نحن العالم الإسلامي لاسيما العرب أن نتحلى بهذا المبدأ، إن الذات العربية دائماً ترفع شعاراً قد خرعليه السقف من فوقه وهو حينما يُسند أي عمل تنموي إلى فرد أو مؤسسة أو شركة يُرفع شعار «أنا وبعدي الطوفان» أو قد يقول الرجل العربي «إذا مت ظمآناً فلا نزل القطر» إننا أحياناً نلمس أن المشاريع التنموية في بنياتنا التحتية في عالمنا العربي أنها أُقيمت ومبدأ الإخلاص غائب عنها كالسراب! فكم من مشروع تنموي وُجد فيها الاسمنت والحديد وفُقد منه مبدأ الإخلاص فأصبح هشيماً تذروه الرياح، وكم من مشروع تنموي أفل نجمه وغاب بغياب مبدأ الإخلاص. نحن العالم الإسلامي يجب أن نشرب مبدأ الإخلاص مع حليب أمهاتنا في المهد. إذاً فثمة مساحة واسعة بيننا وبين الغرب يمكن أن نطلق عليها الفراغ من مبدأ الإخلاص.. ونحن في المملكة العربية السعودية قد قام ولاة أمرنا حفظهم الله يبينون لنا أن مبدأ الإخلاص هو الفيصل في التراكم الحضاري ولن يكون لنا قدم عال إلا بوجوده فهم حفظهم الله ما فتئوا قائمين قاعدين يوصوننا بمبدأ الإخلاص.
والله ولي التوفيق.