محمد عبدالله المطلق ">
حسب معطيات سير المعارك في اليمن فإن استقرار اليمن وإنهاء هيمنة عصابة الحوثيين وصالح على أرجائه أصبحت قريب ومسألة وقت بمشيئة الله. ولقد أفرزت المعارك في اليمن نتائج كثيرة وهامة كان من أبرزها تمتين أواصر وحدة الشعب اليمني وتوضيح الصورة أمام أعين اليمنيين، بحيث تبين لهم على أرض الواقع من هم أصدقائهم الحقيقيين الذين آزروهم ومدوا لهم يد العون وقت المحنة، ومن هم أعدائهم الذين لم ينفكوا يوقدون نيران الفتنة بينهم، والتي لم تؤد إلا إلى قتل أبنائهم وتدمير مرافقهم ومقدراتهم الاقتصادية والمعيشية.
وبحمد الله فقد أفلح تدخل دول مجلس التعاون في ردع العدو الذي يهدد أمن واستقرار ومستقبل أهل اليمن والمتمثل بالحوثيين وفلول علي عبدالله صالح وكل من شد على أياديهم من خارج اليمن وآزرهم في داخل اليمن ممن جرى التغرير بهم من خلال مزاعم وشعارات مستهلكة ومزيفة، وهؤلاء بمجموعهم لا يشكلون في نهاية المطاف سوى نسبة بسيطة من أبناء اليمن.
ومن ناحية دول مجلس التعاون فقد كان للتدخل العسكري نتائج باهرة على صعيد تحسين أداء وكفاءة القوات المسلحة، لاسيما سلاح الجو الذي جرى استخدامه بكثافة، ذلك أن ما جرى ويجري على أرض الواقع هو بمثابة تدريب ميداني يتم فيه استخدام القوة النارية بالذخيرة الحية وبصورة تطبيقية، بحيث تكتسب الجيوش الخبرات القتالية اللازمة وتزداد ثقتها بنفسها ومعرفتها بحجم ومدى قدراتها الميدانية.
وقبل أن يسكت السلاح عما قريب بمشيئة الله وتضع الحرب أوزارها وتعود الشرعية ويستقر حكم اليمن بيد أبنائه المخلصين وتبدأ مسيرة إعادة الإعمار وبناء الدولة من جديد وتنمية مرافق الاقتصاد لابد لنا من الشروع مبكراً في وضع خطط مدروسة جيداً لاحتضان اليمن من قِبل الاتحاد الخليجي ضمن فترة زمنية محددة، يتم تنفيذها على مراحل لتجنب الوقوع في المطبات والسلبيات التي قد تواجهنا أثناء التنفيذ. وبواسطة مثل هذه الخطط الجريئة قد نضمن عدم تكرار ما حصل في اليمن الذي سيبقى معرضاً لتدخلات ومكائد الأعداء على اختلاف ألوانهم وأصنافهم ما لم يتم احتضانه وإدخاله شيئاً فشيئاً ضمن النسيج الاتحادي الخليجي، علماً بأن اليمن من حيث نسيجه الاجتماعي والثقافي والحضاري هو جزء لا يتجزأ من منظومة شبه الجزيرة العربية التي تربط أطرافها ببعضهم البعض روابط اجتماعية وثقافية وحضارية شديدة التماهي والتشابه.
غني عن البيان أن اليمن يشكِّل عمقاً إستراتيجياً للمملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج، ولابد لنا من تحصينه وجعله آمناً ومضموناً ومنيعاً في وجه تطلعات الفرس الصفويين الذين ما زالت الأحلام تراودهم بإعادة مد نفوذهم البغيض وبسط سيطرتهم الغابرة على كافة الأماكن التي كانت أذرع الإمبراطورية الساسانية حتى وصلت إليها بزوغ فجر الإسلام الذي أتى هادياً وسراجاً منيراً لكافة أبناء آدم على اختلاف شعوبهم وألسنتهم، فحرر البشر من بهتان المعتقدات الضالة وقوض أركان الإمبراطوريات القائمة على الظلم والطغيان. ولو اتقى ملالي إيران ربهم لما استمروا في إيقاد نيران الفتن الطائفية في اليمن وسوريا والعراق، التي أوصلت شعوب تلك البلدان إلى ما هم فيه الآن من تنابذ وتناحر وسفك دماء.